وَقَالَ أَيْضا من الوافر
(جزيتم أَيهَا الْأُمَرَاء خيرا ... على إتقانكم هذي البنيّه)
(فَلَا تخشوا على الميدان شَيْئا ... سوى سيل العطايا الأشرفيه)
فاتفق أَن السُّلْطَان حضر بعد ذَلِك وَأنْفق فِي العساكر فِي الميدان فَقَالَ بَيْتَيْنِ أذكرهما فِي تَرْجَمَة الْأَمِير علم الدّين سنجر الشُّجاعي وَقَالَ أَيْضا فِي عمَارَة الميدان من الْكَامِل
(لَئِن ادَّعى ميداننا شرفاً إِلَى ... شرفيه لم ينْسب إِلَى الْإِسْرَاف)
(أَو مَا ترى الْأُمَرَاء فِي تعميره ... أضحوا فعول مجارفٍ وقفاف)
وَلما فتح الْملك الْأَشْرَف عكا امتدحه القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود بقصيدته البائية الْمَشْهُورَة وَهِي من الْبَسِيط
(الْحَمد لله زَالَت دولة الصُّلب ... وعزَّ بالتُّرك دين الْمُصْطَفى الْعَرَبِيّ)
(هَذَا الَّذِي كَانَت الآمال لَو طلبت ... رُؤْيَاهُ فِي النّوم لاستحيت من الطّلب)
(مَا بعد عكا وَقد هدَّت قواعدها ... فِي الْبَحْر للشِّرك عِنْد البِّر من أرب)
(عقيلةٌ ذهبت أَيدي الخطوب بهَا ... دهراً وشدَّت عَلَيْهَا كفُّ مغتصب)
(لم يبْق من بعْدهَا للكفر مذ خربَتْ ... فِي البِّر وَالْبَحْر مَا يُنجي سوى الْهَرَب)
(كَانَت تخيّلنا آمالنا فنرى ... أنّ التفكُّر فِيهَا غَايَة الْعجب)
(أمُّ الحروب فكم قد أنشأت فتنا ... شَاب الْوَلِيد بهَا هولاً وَلم تشب)
(سوران برّاً وبحراً حول ساحتها ... دَارا وأدناهما أنأى من القطب)
(خرقاء أمنع سوريها وأحصنها ... غلب الرِّجَال وأقواها على النُّوب)
(مصفَّحٌ بصفاحٍ حولهَا أكمٌ ... من الرّماح وأبراجٌ من اليلب)
(مثل الغمائم تهدي من صواعقها ... بالنَّبل أَضْعَاف مَا تهدي من السُّحب)
(كَأَنَّمَا كلُّ برجٍ حوله فلكٌ ... من المجانيق يَرْمِي الأَرْض بالشُّهب)
(ففاجأتها جنود الله يقدمهَا ... غَضْبَان لله لَا للْملك والنِّشب)
)
(لَيْث أَبى أَن يردَّ الْوَجْه عَن أممٍ ... يدعونَ ربَّ العلى سُبْحَانَهُ بأب)
(كم رامها ورماها قبله ملكٌ ... جمُّ الجيوش فَلم يظفر وَلم تجب)
(لم يلهه ملكه بل فِي أَوَائِله ... نَالَ الَّذِي لم ينله النَّاس فِي الحقب)
(لم ترض همَّته إِلَّا الَّذِي قعدت ... للعجز عَنهُ مُلُوك الْعَجم وَالْعرب)
(فَأَصْبَحت وَهِي فِي بحرين ماثلةً ... مَا بَين مضطرمٍ نَارا ومضطرب)