للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْه من الْكَامِل

(طرفِي وقلبي قاتلٌ وشهيد ... وَدمِي على خدَّيك مِنْهُ شُهُود)

(يَا أَيهَا الرشأ الَّذِي لحظاته ... كم دونهنَّ صوارمٌ وأسود)

(من لي بطيفك بعد مَا منع الْكرَى ... عَن ناظريَّ الْبعد والتسهيد)

(وَأما وحبَّك لست أضمر تَوْبَة ... عَن صبوتي ودع الْفُؤَاد يبيد)

(وألذُّ مَا لاقيت فِيك منيَّتي ... وأقلُّ مَا بِالنَّفسِ فِيك أَجود)

(وَمن الْعَجَائِب أَن قَلْبك لم يلن ... لي وَالْحَدِيد ألانه دَاوُد)

)

وَحكى بعض المؤرخين أَنه لما حصلت المباينة بَين الْملك الْكَامِل وَالْملك الْأَشْرَف وعزما على الْمُحَاربَة وانضم إِلَى الْملك الْأَشْرَف جَمِيع مُلُوك الشَّام وسيّر الْأَشْرَف إِلَى النَّاصِر دَاوُد يَدعُوهُ إِلَى مُوَافَقَته على أَن يحضر إِلَيْهِ ليزوجه وَابْنَته ويجعله وليَّ عَهده ويملِّكه الْبِلَاد بعده

وسيّر الْملك الْكَامِل إِلَى النَّاصِر دَاوُد أَيْضا يَدعُوهُ إِلَى الِاتِّفَاق مَعَه وَأَنه يجدد عقده على ابْنَته وَيفْعل مَعَه كل مَا يخْتَار وتوافى الرسولان عِنْد النَّاصِر دَاوُد بالكرك فرجح الْميل إِلَى الْكَامِل وسرح رَسُول الْأَشْرَف بجوابٍ إقناعي وَيُقَال أَنه إِنَّمَا فعل ذَلِك حَتَّى أَنه كتب الْجَواب إِلَى الْكَامِل عَن ميله إِلَيْهِ دون أَخِيه الْأَشْرَف وَاسْتشْهدَ فِيهِ بقول أبي الطّيب من الطَّوِيل

(وَمَا شئتُ إِلَّا أَن أدُلَّ عواذلي ... على أَن رَأْيِي فِي هَوَاك صَوَاب)

(وَيعلم قومٌ خالفوني وشرَّقوا ... وغرّبتُ أَنِّي قد ظفرتُ وخابوا)

فاتفق أَن الْملك الْأَشْرَف توفّي رَحمَه الله تَعَالَى عقيب ذَلِك وَلَو كَانَ النَّاصِر توجّه إِلَيْهِ لَكَانَ فَازَ بزواج ابْنَته وبمملكة بِلَاده وَمَات الْكَامِل وَلم يحصل للناصر مِنْهُ مَا أَرَادَ

وعَلى الْجُمْلَة فَلم يكن مَسْعُود الحركات لِأَنَّهُ قضى عمره فِي أَسْوَأ حالٍ مشرَّداً عَن الأوطان معكوس الْمَقَاصِد وَقيل أَنه كَانَ إِذا دخل فِي الشَّرَاب وَأخذ السّكر مِنْهُ يَقُول أشتهي أبْصر فلَانا طائراً فِي الْهَوَاء فَيرمى ذَلِك الْمِسْكِين فِي المنجنيق وَيَرَاهُ وَهُوَ فِي الْهَوَاء فيضحك ويسرّ بِهِ وَيَقُول أشتهي أشمّ رَوَائِح فلَان وَهُوَ يشوى فيحضر ذَلِك المعثَّر ويقطَّع لَحْمه ويشوى وَهُوَ يضْحك من فعلهم بذلك الْمِسْكِين وَله من هَذِه الْأَفْعَال الرديَّة أَنْوَاع كَثِيرَة وَفِي النَّاصِر دَاوُد يَقُول الصاحب جمال الدّين ابْن مطروح من السَّرِيع

(ثلاثةٌ لَيْسَ لَهُم رابعٌ ... عَلَيْهِم مُعْتَمد الْجُود)

(الْغَيْث وَالْبَحْر وعزِّزهما ... بِالْملكِ النَّاصِر دَاوُد)

<<  <  ج: ص:  >  >>