للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأغمد أَبُو دلامة سَيْفه وَقَالَ للرجل لَا تعجل واسمع مني عافاك الله كَلِمَات ألقيهن إِلَيْك فَإِنَّمَا أَتَيْتُك فِي مُهِمّ فَوقف مُقَابِله وَقَالَ مَا هُوَ المهم قَالَ أتعرفني قَالَ لَا قَالَ أَنا أَبُو دلامة قَالَ قد سَمِعت بك حياك الله فَكيف برزت إِلَيّ وطمعت فِي بعد من قتلت من أَصْحَابك قَالَ مَا خرجت لأقتلك وَلَا لأقاتلك وَلَكِنِّي رَأَيْت لباقتك وشهامتك فاشتهيت أَن تكون لي صديقا وَإِن لأدلك على مَا هُوَ أحسن من قتالنا قَالَ قل على بركَة الله قَالَ أَرَاك قد تعبت وَأَنت بِغَيْر شكّ جوعان ظمآن قَالَ كَذَلِك هُوَ قَالَ فَمَا علينا من خُرَاسَان وَالْعراق إِن معي لَحْمًا وخبزاً وَشَرَابًا ونقلاً كَمَا يتَمَنَّى المتمني وَهَذَا غَدِير مَاء نمير بِالْقربِ منا فَهَلُمَّ بِنَا إِلَيْهِ نصطبح وأترنم لَك بِشَيْء من حداء الْأَعْرَاب فَقَالَ هَذَا غَايَة أملي فَقَالَ فها أَنا أستطرد لَك فاتبعني حَتَّى نخرج من حلق الطعان ففعلا وروح يتطلب أَبَا دلامة فَلَا يجده والخراسانية تتطلب فارسها فَلَا تَجدهُ فَلَمَّا طابت نفس الْخُرَاسَانِي قَالَ لَهُ أَبُو دلامة إِن روحاً كَمَا علمت من أَبنَاء الْكَرم وحسبك بِابْن الْمُهلب جواداً وَإنَّهُ ليبذل لَك خلعة فاخرة وفرساً جواداً ومركباً مفضضاً وسيفاً محلى ورمحاً طَويلا وَجَارِيَة بربرية وَإنَّهُ فِي أَكثر الْعَطاء وَهَذَا خَاتِمَة معي لَك بذلك فَقَالَ وَيحك مَا أصنع بأهلي وعيالي فَقَالَ استخر الله تَعَالَى وسر معي ودع أهلك فَالْكل يخلف عَلَيْك فَقَالَ سر بِنَا على بركَة الله فسارا حَتَّى قدما من وَرَاء الْعَسْكَر فهجما على روح فَقَالَ يَا أَبَا دلامة أَيْن كنت قَالَ فِي حَاجَتك أما قتل الرجل فَمَا أطقته وَأما سفك دمي فَمَا طبت بِهِ نفسا وَأما الرُّجُوع خائباً فَلم أقدم عَلَيْهِ وَقد تلطفت بِهِ وَأَتَيْتُك بِهِ وَهُوَ أَسِير كرمك وَقد بذلت لَهُ عَنْك كَيْت وَكَيْت فَقَالَ يمضى إِذا وثق لي قَالَ بِمَ ذَا قَالَ بِنَقْل أَهله قَالَ الرجل أَهلِي على بعد وَلَا يمكنني نقلهم الْآن وَلَكِن آمدد يدك أصافحك وأحلف لَك مُتَبَرعا بِطَلَاق الزَّوْجَة أَنِّي لَا أخونك فَإِن لم أُفٍّ إِذا حَلَفت بِطَلَاقِهَا فَلَا ينفعك نقلهَا

فَقَالَ صدقت فَحلف لَهُ وعاهده ووفى لَهُ بِمَا ضمنه أَبُو دلامة وَزَاد عَلَيْهِ وانقلب الْخُرَاسَانِي يُقَاتل الخراسانية وينكي فيهم أَشد نكاية وَكَانَ ذَلِك أكبر أَسبَاب الظفر لروح

وَكَانَ الْمَنْصُور قد أَمر بهدم دور كَثِيرَة مِنْهَا دَار أبي دلامة فَكتب إِلَى الْمَنْصُور من الْخَفِيف

(يَا ابْن عَم النَّبِي دَعْوَة شيخ ... قد دنا هدم دَاره وبواره)

)

(فَهُوَ كالماخض الَّتِي اعتادها الطل ... ق فقرت وَمَا يقر قراره)

(لكم الأَرْض كلهَا فأعيروا ... عبدكم مَا احتوى عَلَيْهِ جِدَاره)

وَلما قدم الْمهْدي من الرّيّ إِلَى بَغْدَاد دخل عَلَيْهِ أَبُو دلامة للسلام والهناء بقدومه فَأقبل عَلَيْهِ الْمهْدي فَقَالَ كَيفَ أَنْت أَبَا دلامة قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من الْكَامِل

<<  <  ج: ص:  >  >>