السريّ شَاعِرًا مطبوعاً كثير الافتنان فِي الْوَصْف والتشبيه وَلَمْ يكن لَهُ رُوَاء وَلَا منظر وَلَا يحسن من الْعُلُوم غير نظم الشّعْر وَجمع شعره قبل وَفَاته وتوفيّ فِي حُدُود الستّين وَالثَّلَاث مائَة فَقيل سنة نَيف وستّين وَقيل اثْنَتَيْنِ وستّين وَقيل أَربع وَمن شعر الرفّاء من الطَّوِيل
(وبِكْرٍ شِرَبْناها عَلَى الْورْد بُكرَةً ... فَكَانَت لَنَا وِرداً إِلَى بُكرّةِ الغَدِ)
(إِذا قَامَ مُبْيَضّ اللِباس يديرها ... توهّمته يسعَى بِكُمّ مُوَدَّدِ)
قلت مثله قَول الآخر من المتقارب
(كَأَنَّ المديرَ لَهَا باليمينِ ... إِذا قَامَ للسقْيِ أَو باليَسارِ)
(تدرع ثوبا من الياسمين ... لَهُ فَردُكُمٍّ مِن الجلّبارِ)
وَقَوْلِي أَنا أَيْضا من أَبْيَات من الطَّوِيل)
(وساقٍ لَنَا فِي كَفّه ورُضابه ... ووجْنِتِهِ واللَحْظ أَربع أكؤُسِ)
(إِذا حثها أَبْصَرْتَ أبْيَضَ ثَوبِه ... لَهُ نِصْفُ كُمٍّ من سناها مورّسِ)
وَمن شعر السريّ الرفّاء ممّا قَالَه فِي دير الشَّيَاطِين من الْبَسِيط
(عصى الرشادَ وَقَدْ ناداه من حينٍ ... وراكضُ الغَيَّ فِي تِلْكَ الميادينِ)
(مَا حنّ شَيْطَانه العاتي إِلَى بَلَدٍ ... إِلَّا ليَقربَ من دير الشياطينِ)
(وفِتيَةِ زَهَرُ الآدابِ بَينهم ... أبهى وأنضر من زَهْر البساتينِ)
(مَشوا إِلَى الراح مشي الرخّ وَانْصَرفُوا ... والراح يمشي بهم مَشْي الفرازينِ)
(فَصُرِّعوا بَيْنَ أعطان الهياكِلِ فِي ... تِلْكَ الْجنان وأقمار الدواوينِ)
(حتّى إِذا نطق الناقوس بينهمُ ... مُزَنَّرُ الخَصِرْ روميّ القرابينِ)
(يرى المدامةَ دِيناً حبّذا رَجُلٌ ... يعُدُّ لَذَّةَ دُنْيَاهُ من الدينِ)
(فَحَثَّ أقداحها بيض السوالف فِي ... حُمرِ الغلائلِ فِي خُضر الرياحينِ)
(كأنّها وَبَيَاض المَاء يقرعها ... وَرْدٌ تصافحه أوْراقُ نسرينِ)
قَالَ الخالديّان قَدْ نازعه فِي أَبْيَات مِنْهَا جماعةٌ من شعرائنا لمّا بلغ السّري الرفّاء أنّ الخالدّيين يُريدَان الْعود إِلَى بَغْدَاد فِي أَيَّام المهلّبي كتب إِلَى أبي الخطّاب الْمفضل بن ثَابت الصَّابِئ من الْكَامِل
(بَكَرَتْ عَلَيْكَ مُغيرةُ الْأَعْرَاب ... فأحفظ ثِيابَك يَا أَبَا الخطابِ)
(وَرَدَ العِراقَ ربيعةٌ بن مُكَدَّمٍ ... وعُتيبةُ بنُ الْحَارِث بن شِهابِ)
(أفعندنا شَكٌّّ بأنهّما هما ... فِي الفَتْكِ لَا فِي صِحّةِ الأنْسابِ)