)
(كحلقة من لجين ذاب أَكْثَرهَا ... لما تغافل ملقيها على اللهب)
وَقَالَ الطَّوِيل
(تَأَمَّلت بَحر النّيل طولا وَخَلفه ... من الْبركَة الْغناء كل مقعر)
(فَكَانَت وَقد لاحت بسيطة خضرَة ... وَكَانَت وفيهَا المَاء بَاقٍ موفر)
(عِمَامَة شرب ذِي حواش بخضرة ... أضيف إِلَيْهَا طيلسان مقور)
وَكَانَ الْأَمِير ابْن ظفر أَيَّام ولَايَته الثغر قد ضَاقَ خَاتم على خِنْصره وأفرط إِلَى أَن ورم فأحضر ابْن ظافر لقطع الْخَاتم فَلَمَّا قطع الْحلقَة أنْشدهُ بديها السَّرِيع
(قصر عَن أوصافك الْعَالم ... وَكثر الناثر والناظم)
(من يكن الْبَحْر لَهُ رَاحَة ... يضيق عَن خنصرها الْخَاتم)
فَاسْتَحْسَنَهُ ووهب لَهُ الْحلقَة وَكَانَت من ذهب وَكَانَ بَين يَدي الْأَمِير غزال مستأنس قد ربض وَجعل رَأسه فِي حجره فَقَالَ ظافر بديها المتقارب
(عجبت لجرأة هَذَا الغزال ... وَأمر تخطى لَهُ وَاعْتمد)
(وأعجب بِهِ إِذْ بدا جاثماً ... وَكَيف اطْمَأَن وَأَنت الْأسد)
فَزَاد الْأَمِير والحاضرون فِي الِاسْتِحْسَان مِنْهُ وَتَأمل ظافر شَيْئا كَانَ على بَاب الْمجْلس يمْنَع الطير من دُخُولهَا فَقَالَ بديها المتقارب
(رَأَيْت ببابك هَذَا المنيف ... شباكاً فأدركني بعض شكّ)
(وفكر فِيمَا رأى خاطري ... فَقلت الْبحار مَكَان الشبك)
وَمن نظم ظافر الْحداد أَيْضا فِي كرْسِي النّسخ الْكَامِل
(انْظُر بِعَيْنَيْك فِي بديع صنائعي ... وَعَجِيب تركيبي وَحِكْمَة صانعي)
(فكأنني كفا محب شبكت ... يَوْم الْفِرَاق أصابعاً بأصابع)
قلت أوردت يَوْمًا هَذَا الْمَقْطُوع بِحَضْرَة بعض الأفاضل فَقَالَ لي ذكر الْمُحب هُنَا حَشْو وَلَا علاقَة للمحب والتشبيه يَصح بِدُونِ إِضَافَة الْكَفّ إِلَى محب أَو غَيره فَقلت ذكر الْمُحب هُنَا أوقع فِي النَّفس من ذكر غَيره لِأَن الْغَالِب فِي تشبيك الْإِنْسَان كَفه بِالْأُخْرَى عِنْدَمَا يبغته الْأَمر الَّذِي يكرههُ وَلَا أكره من حَالَة الْفِرَاق عِنْد الْمُحب فلاق ذكره هُنَا دون غَيره فَاسْتَحْسَنَهُ الْحَاضِرُونَ ولظافر الْحداد موشحات مِنْهَا قَوْله)
(ثغر لَاحَ يستأسر الْأَرْوَاح ... لما فاح بِالْخمرِ والتفاح)
(الْجَانِي ... ذَا التائه الْجَانِي)
(يلحاني ... من لَيْسَ بالحاني)