للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأحجار محروماً مقتراً عَلَيْهِ مِتلافاً)

إِذا أَفَادَ خرج مرّة يُرِيد صقلية فَأسرهُ الرّوم فِي الْبَحْر وَأقَام مُدَّة إِلَى أَن هادن ثِقَة الدولة ملك الرّوم وَبعث إِلَيْهِ بالأسرى وَكَانَ ابْن الْمُؤَدب فيهم فمدح ثِقَة الدولة بقصيدة وَرَجا صلته فَلم يصله بِمَا أرضاه فَتكلم فِيهِ فَطلب طلبا شَدِيدا فاختفى وطالت الْمدَّة فَخرج وَهُوَ سَكرَان فِي بعض اللَّيَالِي يَشْتَرِي نُقلاً فَمَا شعر إِلَّا وَقد قيد وَحمل إِلَى بَين يَدي ثِقَة الدولة فَقَالَ لَهُ مَا الَّذِي بَلغنِي فَقَالَ الْمحَال يَا سيدنَا فَقَالَ من الَّذِي يَقُول فِي شعره وَالْحر ممتحنٌ بأولاد الزِّنَا فَقَالَ وَالَّذِي يَقُول وعداوة الشُّعَرَاء بئس المقتنى فتنمر سَاعَة ثمَّ أَمر لَهُ بِمِائَة رباعي وإخراجه من الْمَدِينَة كَرَاهِيَة أَن تقوم عَلَيْهِ نَفسه فيعاقبه فَخرج ثمَّ مدح ثِقَة الدولة بقصيدة مِنْهَا قَوْله من الطَّوِيل

(أَبيت أراعي النَّجْم فِي دَار غربَة ... وَفِي الْقلب مني نَار حزن مضرم)

(أرى كل نجمٍ فِي السَّمَاء محلّة ... ونجمي أرَاهُ فِي النُّجُوم المنجم)

(سأحمل نَفسِي فِي لظى الْحَرْب حَملَة ... تُبلغها من خطبهَا كل مُعظم)

(فَإِن سلمت عاشت بعزٍّ وَإِن تمت ... لَدَى حَيْثُ أَلْقَت رَحلهَا أم قشعم)

وَقَالَ وَهُوَ فِي الْأسر من المجتث

(لَا يذكر الله قوما ... حللتُ فيهم بخيرِ)

(جاهدتُ بِالسَّيْفِ جهدي ... حَتَّى أسرت وغيري)

والآن لست أُطِيق الْجِهَاد إِلَّا بأيْري

(فهات من شِئْت مِنْهُم ... لَو كَانَ صاحبَ ديرِ)

وَكَانَ صديقا لعبد الله بن رَشِيق وَهُوَ يُؤَدب بعض أَوْلَاد تجار القيروان وَكَانَ حسنا وَكَانَ ابْن الْمُؤَدب يزوره فعلق بالغلام وَخرج ابْن رَشِيق لِلْحَجِّ فَكلما أُتِي بمعلم لم يكد يقم أسبوعاً حَتَّى يَدعِي الْغُلَام أَنه راوده فَذكر ابْن الْمُؤَدب للوالد فَأحْضرهُ فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَة جُلُوسه فِي الْمَسْجِد وَدخُول الْغُلَام إِلَيْهِ فأغلق بَاب الصحن فَقَامَ فَبلغ أرّبه مِنْهُ وَخرج الْغُلَام إِلَى أَبِيه مبادراً فَأخْبرهُ فَقَالَ أَبوهُ الْآن تقرر عِنْدِي أَنَّك كاذبٌ وكذبت على من كَانَ قبله وَصَرفه إِلَى الْمكتب فَأَقَامَ على تِلْكَ الْحَال مُدَّة طَوِيلَة وَقَالَ من الطَّوِيل

(وظبي أنيس عالجته حبائلي ... فغادرته قبل الْوُثُوب صَرِيعًا)

(وَكَانَ رجالٌ حاولوه ففاتهم ... سباقاً وَلَكِنِّي خلقتُ سَرِيعا)

)

(فتكت بِهِ وَإِن شَاءَ فِي بَيت ربه ... وَإِن لم يَشَأْ مستصعباً ومطيعا)

...

<<  <  ج: ص:  >  >>