للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عيد الْأَضْحَى سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة من الْحَبْس وأحضره أَبوهُ بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لخواصه هَذِه أضحيتي فِي هَذَا الْعِيد ثمَّ اضجع لَهُ وذبحه وَقَالَ لأتباعه ليذبح كلٌّ أضحيته فاقتسموا أَصْحَاب وَلَده عبد الله الْمَذْكُور وذبحوهم عَن آخِرهم وَمن حكاياته أَن سعيد بن فرج الشَّاعِر أهْدى لَهُ ياسميناً أَبيض واصفر وَكتب مَعَه من الْكَامِل

(مولَايَ قد أرْسلت نَحْوك تحفةً ... بمرادما أبغيه مِنْك تذكر)

(من ياسمين كَالنُّجُومِ تبرجت ... بيضًا وصفراً والسماح يعبر)

فَعوضهُ عَن ذَلِك ملْء الطَّبَق دَنَانِير ودراهم وَكتب لَهُ من السَّرِيع

(أَتَاك تعبيري وَلما يحل ... مني على أضغاث أَحْلَام)

(فاجعله رسماً دَائِما قَائِما ... مِنْك ومني أول الْعَام)

وَمر مَعَ أحد الْفُقَهَاء يَوْمًا فأبصر غُلَاما فتان الصُّورَة فَأَعْرض عَنهُ وَقَالَ من المنسرح

(أفدي الَّذِي مرَّ بِي فَمَال لَهُ ... لحظي وَلَكِن ثنيته غصبا)

)

(مَا ذَاك إِلَّا مخاف منتقدٍ ... فَالله يعْفُو وَيغْفر الذنبا)

قَاضِي حلب عبد الله بن عبد الرحمان بن عبد الله بن علوان بن رَافع الْأَسدي أَبُو مُحَمَّد الْحلَبِي اسْمَعْهُ وَالِده الحَدِيث فِي صباه من أبي الْفرج يحيى بن مَحْمُود ابْن سعد الثَّقَفِيّ الإصبهاني وَمن جمَاعَة من الشُّيُوخ الْكِبَار وَالْأَئِمَّة وَسمع هُوَ بِنَفسِهِ كثيرا وَكتب بِخَطِّهِ وَحصل بهمة وافرة وَحفظ الْقُرْآن فِي صباه وتفقه للشَّافِعِيّ وَصَحب أَبَا المحاسن يُوسُف بن رَافع بن تَمِيم قَاضِي حلب وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمَذْهَب وَالْخلاف والجدل والأصولين وعني بِهِ عناية شَدِيدَة لما رأى من نجابته وفهمه وَاتخذ ولدا وصاهره وَاعْتمد عَلَيْهِ فِي جَمِيع أَحْوَاله وَصَارَ معيداً لمدرسته وَله نَيف وَعِشْرُونَ سنة ثمَّ ولي التدريس بعده ونبل مِقْدَاره عِنْد الْمُلُوك والسلاطين وَعلا جاهه وارتفع شَأْنه وَترسل إِلَى مُلُوك الشَّام ومصر مَرَّات وناب فِي الْقَضَاء بحلب وَأرْسل إِلَى دَار الْخلَافَة وَتكلم مَعَ الْفُقَهَاء بِحَضْرَة الْوَزير وَاسْتحْسن الْحَاضِرُونَ كَلَامه وَكَانَ لطيفاً ظريفاً بساماً حُلْو الْمنطق

<<  <  ج: ص:  >  >>