للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَللَّه بلدةٌ هَذِه بعض محاسنها وَقد أوجزت فِي أوصافها وأضربت عَن ذكر مساكنها إِذْ عجزت عَن إنصافها وَحين أعياني الْكَلَام المنثور عدلت إِلَى المنظوم ووصفتها ثَانِيًا بِمَا استطردت فِيهَا بمدح مَوْلَانَا المخدوم وَلَو لم يرد عَليّ من الْمقَام الْفُلَانِيّ مقامة وَكَانَ خاطري مشتتاً فَحل مِنْهَا بدار إِقَامَة لما فتحت فِي وصفهَا دَوَاة وَلَا فَمَا وَلَا أجريت لِسَانا وَلَا قَلما لَكِن تعلمت مِنْهَا علم الْبَيَان وسحبت أذيال التيه على سحبان وَلَقَد قلبت مِنْهَا بردا محرراً ووشياً مرقوماً وعاينت الدّرّ من لَفظهَا منثوراً وَمن حظها منظوماً وَكَانَ لَفظهَا أعذب الْقُلُوب من الْغَمَام وسجعها أطيب فِي الأسماع من سجع الْحمام وَكنت عزمت حَالَة وصولها على الاستمداد مِنْهَا والاستعداد للإجابة عَنْهَا فَرَجَعت أدراجي الْقَهْقَرِي وَقلت حبس البضاعة أولى من تَخْيِير المُشْتَرِي فَلَمَّا قرب أمد المزار وبرح الشوق حِين دنت الديار من الديار رَأَيْت ذَلِك تقصيراً فِي الْخدمَة وإخلالاً وَإِن كَانَ ذَلِك فِي الْحَقِيقَة تَعْظِيمًا وإجلالاً ز فأجلت فِي ذَلِك خاطراً وجلاً وصرفت إِلَى هَذَا الْوَجْه وَجها خجلاً وعَلى أَن الْمَمْلُوك لَو رزق التَّوْفِيق لما جرى مَعَ مَوْلَانَا فِي هَذِه الطَّرِيق وَلم يزل الْمَمْلُوك ينشد قبل وُرُود ركابه الشريف عَسى وَطن يدنو بهم ولعلما فَلَمَّا دنا الوطن جعلت أهم بشيءٍ والليالي كَأَنَّمَا والمملوك قد أصبح من جملَة عبيد مَوْلَانَا وخدمه ويرجو من صدقاته الشَّرِيفَة أَن لَا يقطع عَنهُ مَا عوده من بره الْمَشْفُوع بصلته العائدة والمملوك يواصل خدمته مَعَ أَن سيدنَا أدام الله تَعَالَى لَهُ السعد قد علم ندب الشَّارِع إِلَى مُكَاتبَة العَبْد وَقد قصد أَولا أَن يرْتَفع بابتداء مُكَاتبَته وَثَانِيا بِخَبَر مجاوبته وَالله تَعَالَى يحرس محاسنه الَّتِي هِيَ فِي فَم الدَّهْر ابتسام ويديم مننه الَّتِي هِيَ الأطواق وَالنَّاس الْحمام تمت

وَكتب رِسَالَة مَعَ مدادٍ وأهداها إِلَى جماعةٍ من الْكتاب فِي الْأَيَّام المعزية الأقدار أَطَالَ الله بَقَاء الموَالِي السَّادة وَلَا زَالَت سَمَاء الدولة محروسةً بشهبُ أقلامهم ومواسم السَّعَادَة مختالةً بشريف أيامهم ونحور العلياء منتزينةً بتنضيد نظامهم ورياض البلاغة معلمة الْأَطْرَاف والبرود بِمَا تحوكه غمائمهم إِذا غَدَتْ رفيعة الهضاب وأضحت فِي أَعلَى سمك السماك مَضْرُوبَة القباب وأحنى منال الشَّمْس دون منالها وَعظم توهم إِدْرَاكهَا حَتَّى أمست وَلَا الْحلم يجود بهَا وَلَا بمثالها استحقر فِي جَانب شرفها كل جليل واستدر بجودها كل شيءٍ جزيل واستقلت الرياض أَن تهدي إِلَى جنابها زهراً والسحائب أَن ترسل إِلَى بحرها قطراً والفلك)

الدائر أَن يخدمها بنجومه والشذا العاطر أَن يكاثر عرف أوصافها بنسيمه والنهارأن يمنح أَيَّامهَا رقة أصائله وبكره وَاللَّيْل أَن يقدم بَين يَدي مساعيها حمد مسراه ونسمة سحره والبدر أَن يلبس حلَّة السرَار ويكسوها حلل تَمَامه والجفن الساهر أَن يصبر على مُفَارقَة الطيف ويحبوها لذيذ مَنَامه واستحى كل فَوقف موقف الإجلال وانْتهى من التبجيل إِلَى حد كَاد يبلغ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>