فَرَاجعه برسالةٍ يَقُول فِيهَا من الطَّوِيل
(بنانك من بَحر المعارف تنْفق ... وذهنك للمعنى البديع موفق)
(فنظمك درٌّ أنفس الدّرّ دونه ... ونثرك مسكٌ طيب الْعرف يعبق)
(وَأَنت مليكٌ للبلاغة كلهَا ... وراياتها من فَوق رَأسك نخفق)
(وَللَّه بكرٌ بنت عشرٍ زففتها ... تعبر عَن سحرٍ حلالٍ وتنطق)
(تجلت فَجلت أَن يُعَارض حسنها ... وَكَيف وفيهَا للمعالي تأنق)
(وَمَا هُوَ إِلَّا أَن فضضت ختامها ... فهيج بلبالي إِلَيْك التشوق)
(فيا لَيْت مر الشوق لم تدر طعمه ... وياليت هَذَا الْبَين لم يَك يخلق)
(فَذَاك للذات التواصل قاطعٌ ... وَهَذَا لشمل الْأَقْرَبين مفرق)
قلت شعره أَجود من شعر أَبِيه بل مَا بَينهمَا صِيغَة أفعل واقترح عَلَيْهِ أَبُو الْغمر الْمَذْكُور أَن يُعَارض أَرْبَعَة من أشعار الْغناء أَولهَا من الوافر
(يخط الشوق شخصك فِي ضميري ... على بعد التزاور خطّ زور)
فَقَالَ من الوافر
(ملكت الْفضل يَا نجل ابْن سعدٍ ... فَمَا لَك فِي الأكارم من نَظِير)
(حسامك حاسمٌ عَدو الأعادي ... وَمَالك مذهبٌ عدم الْفَقِير)
(ووجهك إِن تبدى فِي ظلامٍ ... تجلى عَن سنا قمرٍ مُنِير)
(لذا سماك من سمى هلالاً ... لإشراقٍ حبيت بِهِ وَنور)
وَثَانِيها من الطَّوِيل
(أشاقك طيفٌ آخر اللَّيْل من هِنْد ... ضَمَان عَلَيْهِ أَن يزور على بعد)
فَقَالَ من الطَّوِيل
(حكى دمعها الْجَارِي على صفحة الخد ... نثير جمانٍ قد تساقط من عقد)
(فَقلت لَهَا مَا بَال دمعك جَارِيا ... فَقَالَت لما فِي الْقلب من ألم الوجد)
(وَلَوْلَا لهيبٌ ظلّ بَين جوانحي ... يجفف دمعي كَانَ كالسيل فِي الْمَدّ)
)
(وَمَا يُطْفِئ الْجَمْر المضرم فِي الحشا ... سوى وصل مَوْلَانَا هلالٍ أبي سعد)