أَبُو صَخْر الْهُذلِيّ عبد الله بن مُسلم الْهُذلِيّ كَانَ شَاعِرًا موالياً لبني أُميَّة وَهُوَ الْمَعْرُوف بِأبي صَخْر لما ظهر عبد الله بن الزبير بالحجاج دخل عَلَيْهِ أَبُو صخرٍ الْهُذلِيّ وَكَانَ عَارِفًا بهواه فِي بني أُميَّة فَمَنعه عطاءه فَقَالَ لَهُ علام تمنعني حَقًا لي وَأَنا امرؤٌ مسلمٌ مَا أحدثت فِي الْإِسْلَام حَدثا وَلَا أخرجت من طاعةٍ يدا فَقَالَ عَلَيْك ببني أُميَّة فاطلب عطاءك عِنْدهم فَقَالَ إِذا أجدهم سبطاً أكفهم سَمْحَة أنفسهم بذلاً لأموالهم وَأبين لمجتديهم كَرِيمَة أعراقهم شريفةً أصولهم زاكيةً فروعهم قَرِيبا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسبهم وسببهم لَيْسُوا بأذناب وَلَا وشائظ وَلَا أتباعٍ وَلَا هم فِي قريشٍ كفقعة القاع لَهُم السؤدد فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْملك فِي الْإِسْلَام لاكمن لَا يعد فِي عيرها وَلَا نفيرها وَلَا حكم آباؤه فِي نقيرها وَلَا قطميرها لَيْسَ من أحلافها المطيبين وَلَا من ساداتها المطعمين وَلَا جودائها الوهابين وَلَا من هاشمها المنتخبين وَلَا عبد شمسها المسودين كَيفَ تقَابل الرؤوس بالأذناب أَيْن النصل من الجفن والسنان من الزج والذنابى من القدامى وَكَيف يفضل الشحيح على الْجواد والسوقة على الْملك والمجيع بخلا على الْمطعم فضلا فَغَضب ابْن الزبير حَتَّى ارتعدت فرائصه وعرق جَبينه واهتز من قرنه إِلى قدمه وامتقع لَونه ثمَّ قَالَ يَا ابْن البوالة على عقبيها يَا جلف يَا جَاهِل أم وَالله لَوْلَا الحرمات الثَّلَاث حُرْمَة الْإِسْلَام وَحُرْمَة الْحرم وَحُرْمَة الشَّهْر الْحَرَام لأخذت مَا فِيهِ عَيْنَاك ثمَّ أَمر بِهِ إِلى سجن عَارِم فحبس فِيهِ مُدَّة ثمَّ استوهبته قُرَيْش وهذيل وَمن لَهُ من قُرَيْش خؤولة فِي هُذَيْل فَأَطْلقهُ بعد سنةٍ وَأقسم أَلا يُعْطِيهِ عَطاء مَعَ الْمُسلمين أبدا وَلما كَانَ عَام الْجَمَاعَة وَولي عبد الْملك وَحج فَلَقِيَهُ أَبُو صَخْر فَلَمَّا رَآهُ عبد الْملك قربه وَأَدْنَاهُ وَقَالَ لم يخف عَليّ خبرك مَعَ الملحد وَلَا ضَاعَ لَك عِنْدِي هَوَاك وَلَا موالاتك فَقَالَ إِذا شفى الله نَفسِي ورأيته قَتِيل سَيْفك وصريع أوليائك مصلوباً مهتوك السّتْر مفرق الْجمع فَمَا أُبَالِي مَا فَاتَنِي من الدُّنْيَا ثمَّ استأذنه فِي الإنشاد فَأذن لَهُ فَمثل قَائِما وَأَنْشَأَ يَقُول من الطَّوِيل
(عفت ذَات عرقٍ عصلها فرئامها ... فدهناؤها وحشٌ وَأجلى سوامها)
(إِلى عقد الجرعاء من جمل أقفرت ... وَكَانَ بهَا مصطافها ومقامها)
)
(إِذا اعتجلت فِيهَا الرِّيَاح فأدلجت ... عَيْشًا جرى فِي جانبيها قمامها)
(وَإِن معاجي فِي القتام وموقفي ... بدراسة الربعين بالٍ ثمامها)
(لجهلٌ وَلَكِنِّي أَجلي ضمانةً ... وأضعف أسرار الْفُؤَاد سقامها)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute