وَكَانَ يهاجي أهل عصره ورثى أَحيَاء لم يموتوا مجوناً مِنْهُ وهزلاً وَفِيه يَقُول عرقلة الشَّاعِر من السَّرِيع
(لنا طبيبٌ شاعرٌ أشترٌ ... أراحنا من شخصه الله)
(مَا عَاد فِي صبحة يومٍ فَتى ... إِلَّا وَبَاقِي الْيَوْم رثاه)
وَكَانَ لشتره سببٌ وَهُوَ أَنه خرج ليلةٌ وَهُوَ سَكرَان من دَار زين الْملك أبي طَالب ابْن الْخياط وَوَقع وشج وَجهه وَجعل النَّاس يسألونه كَيفَ وَقعت فنظم هَذِه الأبيات من الطَّوِيل
(وصعت على وَجْهي فطارت عمامتي ... وَضاع شمشكي وانبطحت على الأَرْض)
(وَقمت وأسراب الدِّمَاء بلحيتي ... ووجهي وَبَعض الشَّرّ أَهْون من بعض)
(قضى الله أَنِّي صرت فِي الْحَال هتكةً ... وَلَا حِيلَة للمرء فِيمَا بِهِ يقْضِي)
(وَلَا خير فِي قصفٍ وَلَا فِي لذاذةٍ ... إِذا لم يكن سكرٌ إِلى مثل ذَا يُفْضِي)
وآخذ الْمرْآة فَرَأى الْجرْح بِوَجْهِهِ غايراً تَحت الوجنة بعد وقعته فَقَالَ من مجزوء الْكَامِل
(ترك النَّبِيذ بوجنتي ... جرحا ككس النعجة)
(وَوَقعت منبطحاً على ... وَجْهي وطارت عَمَّتي)
(وَبقيت منهتكاً وَلَو ... لَا اللَّيْل بَانَتْ سوأتي)
(وَعلمت أَن جَمِيع ذَا ... لَك من تَمام اللَّذَّة)
(من لي بِأُخْرَى مثل تل ... ك وَلَو بحلق اللِّحْيَة)
وَقَالَ يهجو الطَّبِيب المفشكل على سَبِيل المرثية من الطَّوِيل
(أَلا عد عَن ذكرى حبيبٍ ومنزل ... وعرج على قبر الطَّبِيب المفشكل)
)
(فيا رَحْمَة الله استهيني بقبره ... وكوني على الشَّيْخ الوضيع بمعزل)
(وَيَا مُنْكرا جود فديت قذاله ... بمقنعةٍ واسقله سقل السجنجل)
(وكبكبه فِي قَعْر الْجَحِيم بِوَجْهِهِ ... كجلمود ضخرٍ حطه السَّيْل من علٍ)
(فَلَا زَالَ وكافٌ يرجيه ديمةٌ ... عَلَيْهِ بمنهل من السلح مُسبل)
(لقد حَاز ذَاك اللَّحْد أَخبث جيفةٍ ... وأوضع ميتٍ بَين ترب وجندل)