للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرئيس جمال الدّين الْأمَوِي الْإِسْنَوِيّ القوصي صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء للْملك الْمُعظم عِيسَى ولد بإسنا سنة سبع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وست مائَة وَنَشَأ بقوص وتفنن بهَا وبرع فِي الْأَدَب وَالْعلم وَكَانَ ورعاً دينا خيرا حسن النّظم والنثر ولي الدِّيوَان القوصي ثمَّ بالإسكندرية ثمَّ بالقدس ثمَّ ولي كِتَابَة الْإِنْشَاء للمعظم وَكَانَ يُوصف بالمروءة وَقَضَاء الْحَاجة وَتُوفِّي بِدِمَشْق وَدفن بتربته بقاسيون وَكَانَت بَينه وَبَين الْمُعظم مداعبات كتب لَهُ مرّة رقْعَة أَنه فَارق الْمُعظم وَدخل منزله فطالبه أَهله بِمَا حصل لَهُ من بره فَقَالَ لَهُم مَا أَعْطَانِي شَيْئا فَقَامُوا إِلَيْهِ بالخفاف وصفعوه وَكتب بعد ذَلِك الْكَامِل وتخالفت بيض الأكف كَأَنَّهَا التصفيق عِنْد مجامع الأعراس

(وتطابقت سود الْخفاف كَأَنَّهَا ... وَقع المطارق من يَد النّحاس)

فَرمى الْمُعظم الرقعة إِلَى فَخر الْقُضَاة ابْن بصاقة وَقَالَ أجبه عَنْهَا فَكتب إِلَيْهِ نثراً وَفِي آخِره الْكَامِل

(فاصبر على أخلاقهن وَلَا تكن ... متخلقاً إِلَّا بِخلق النَّاس)

(وَاعْلَم إِذا اخْتلفت عَلَيْك بِأَنَّهُ ... مَا فِي وقوفك سَاعَة من باس)

وَمن شعره الْخَفِيف

(مَا لقلبي إِلَى السلو طَرِيق ... أَنا من سكرة الْهوى لَا أفِيق)

(ضحكوا يَوْم بَينهم وبكينا ... فتراءت سحائب وبروق)

لَو تَرَانَا وللمطالب إخفاق إِلَيْهِم وللقلوب خفوق

(لرأيت الدَّلِيل حيران منا ... كلما لَاحَ الْهلَال شروق)

(وسهام اللحاظ قد فوقت لي ... فلهَا كلما ومقت مروق)

(لست أَدْرِي إِذْ ضرم اللثم وجدي ... أحريق رشفته أم رحيق)

)

(ليدعني أولو الرشاد وعي ... لَيْسَ يدْرِي مَا بالأسير الطليق)

أقفرت دَار من أحب وَكم وَرْقَاء كَانَت بهَا وغصن وريق وهفا ثوبها الصفيق وللريح عَلَيْهَا من حسرة تصفيق دَار الْهوى وللهوى فِي مغانيها عروق تنمى وَوجد عريق

(أَي روح وفت هُنَاكَ لجسم ... عِنْدَمَا فَارق الديار الغريق)

<<  <  ج: ص:  >  >>