(ويسعدني شرخ الشبيبة والغنى ... إِذا شانها إقتارها وقتيرها)
(ومذ قلب الدَّهْر الْمِجَن أصابني ... صبوراً على حَال قَلِيل صبورها)
(فَلَو تحمل الْأَيَّام مَا أَنا حَامِل ... لما كَاد يمحو صبغة اللَّيْل نورها)
(سأصبر إِمَّا أَن تَدور صروفها ... عَليّ وَإِمَّا تستقيم أمورها)
(فَإِن تكن الخنساء إِنِّي صخرها ... وَإِن تكن الزباء إِنِّي قصيرها)
(وَقد ارتدى ثوب الظلام بحسرة ... عَلَيْهَا من الشوس الحماة جسورها)
(كَأَنِّي بأحشاء السباسب خاطر ... فَمَا وجدت إِلَّا وشخصي ضميرها)
(وصادية الأحشاء غضى بالها ... يعز على الشعري العبور عبورها)
(ينوح بهَا الخريت ندبا لنَفسِهِ ... إِذا اخْتلفت حصباؤها وصخورها)
(إِذا وطئتها الشَّمْس سَالَ لُعَابهَا ... وَإِن سلكتها الرّيح طَال هديرها)
(وَإِن قَامَت الحرباء ترصد شمسها ... أصيلاً أذاب اللحظ مِنْهَا هجيرها)
)
(تجنب عَنْهَا للحذار جنوبها ... وتدبر عَنْهَا فِي الهبوب دبورها)
(خبرت مرامي أرْضهَا فقتلتها ... وَمَا يقتل الْأَرْضين إِلَّا خبيرها)
(بخطوة مرقال أمون عثارها ... كثير على وفْق الصَّوَاب عثورها)
(ألذ من الْأَنْغَام رَجَعَ بغامها ... وأطرب من سجع الهديل هديرها)
(نساهم شطر الْعَيْش عيساً سواهُمَا ... لطول السرى لم يبْق إِلَّا سطورها)
(حروفاً كنونات الصحائف أَصبَحت ... تخط على طرس الفيافي سطورها)
(إِذا نظمت نظم القلائد فِي البرى ... تقلدها خضر الربى ونحورها)
(طواها طواها فاغتدت وبطونها ... تجول عَلَيْهَا كالوشاح ظهروها)
(يعبر عَن فرط الحنين أنينها ... ويعرب عَمَّا فِي الضَّمِير ضمورها)
(تسير بهَا نَحْو الْحجاز وقصدها ... ملاعب شعبي بابل وقصورها)
(فَلَمَّا ترامت عَن زرود ورملها ... ولاحت لَهَا أَعْلَام نجد وقورها)
(وصدت يَمِينا عَن شميط وجاوزت ... رَبِّي قطن والشهب قد شف نورها)
(وعاج بهَا عَن رمل عاج دليلها ... فَقَامَتْ لعرفان المُرَاد صدورها)
(غَدَتْ تتقاضانا الْمسير لِأَنَّهَا ... إِلَى نَحْو خير الْمُرْسلين مسيرها)
(ترض الْحَصَى شوقاً لمن سبح الْحَصَى ... لَدَيْهِ وَحيا بِالسَّلَامِ بَعِيرهَا)