مِنْهَا
(وَقد كَانَ للاجين ظلاً فقلصت ... يَد الْمَوْت عدوا عَنْهُم ذَلِك الظلا)
(وعف عَن الْأَعْرَاض مغض عَن القذى ... صبور عَلَيْهِ فِي الورى يحمل الكلا)
(سأندبه دهري وأرثيه جاهداً ... وَأكْثر فِيهِ من بُكَائِي وَإِن قلا)
(وَلم لَا وَقد صاحبته كل مدتي ... أرَاهُ أَبَا برا ويعتدني نجلا)
(وَلم يرنا فِي طول مدتنا امْرُؤ ... فيحسبنا إِلَّا الْأَقَارِب والأهلا)
(وَكم أرشدتني فِي الْكِتَابَة كتبه ... وَلَو زل عَن إرشادها خاطري ضلا)
(وَكم مشكلات لم يبن لمحدق ... إِلَيْهَا جلاها فانجلت عِنْدَمَا أمْلى)
(فَمن هَذِه حَالي وحالته معي ... أيحسن أَن أبْكِي على فَقده أم لَا)
(وعهدي بِهِ لَا أبعد الله عَهده ... وأقلامه أَنى جرت نشرت عدلا)
(وتجري بِمَا تجْرِي الْمُلُوك من الندى ... بهَا فتزيل الجدب وَالْمحل والأزلا)
(لقد كَانَ لي أنس بِهِ وَهُوَ نازح ... كَأَن التنائي لم يفرق لنا شملا)
(وَقد زَالَ ذَاك الْأنس واعتضت بعده ... دموعاً إِذا أنشأتها أنشأت الوبلا)
(فَلَا دمعي الهامي يجِف وَلَا الأسى ... يخف جواه إِن أقل لَهما مهلا)
(وَلَا حرقي تخبو وَإِن يطف وقدها ... بِمَاء دموعي صَار فِيهَا غضى جزلا)
(إِلَى الله أَشْكُو فقد صحب رزئتهم ... وفقد ابْن فضل الله قد عدل الكلا)
(وَلم يتْرك الْمَوْت الَّذِي حم مِنْهُم ... حميماً وَلَا خلى الردى مِنْهُم خلا)
)
(وعمهم دَاعِي الْحمام فَأَسْرعُوا ... جَمِيعًا وَألْفي قَوْلنَا فيهم إِلَّا)
(وَكم يرتجي الساري الونى عَن رفاقه ... إِذا ركبهمْ يَوْمًا بدارهم حلا)
(أيطمع من قد جَازَ معترك الردى ... بإبطائه عَمَّن تقدمه كلا)
(وَلَا سِيمَا من عَاهَدَ الدَّاء جِسْمه ... يعاوده بدءاً إِذا ظَنّه ولى)
(عزاءك محيي الدّين فِي الذَّاهِب الَّذِي ... قضى إِذْ قضى فرض المناقب والنقلا)
(فمثلك من يلقى الخطوب بكاهل ... يقل الَّذِي تعيى الْجبَال بِهِ حملا)
(وَفِي الصَّبْر أجر أَنْت تعرف فَضله ... وآثاره الْحسنى فَلَا تدع الفضلا)
(وَسلم لأمر الله وَارْضَ بِحكمِهِ ... تحز مِنْهُ فضلا مَا بَرحت لَهُ أَهلا)
(وَلَا زَالَ صوب المزن وَالْعَفو دَائِما ... يؤمانه حَتَّى إِذا وصلا آنهلا)