سُلَيْمَان بن فَهد الْموصِلِي وَكَانَ أَعور وَمن شعره فِي ذَلِك
(صدودك عني وَلَا ذَنْب لي ... دَلِيل على نِيَّة فاسده)
(فقد وحياتك مِمَّا بَكَيْت ... خشيت على عَيْني الواحده)
(وَلَوْلَا مَخَافَة أَن لَا أَرَاك ... لما كَانَ فِي تَركهَا فائده)
اجتاز أَبُو عَليّ الْفَارِسِي بالموصل فَمر بالجامع وَأَبُو الْفَتْح يقرئ النَّحْو وَهُوَ شَاب فَسَأَلَهُ أَبُو عَليّ مَسْأَلَة فِي التصريف فقصر فِيهَا أَبُو الْفَتْح فَقَالَ لَهُ زببت قبل أَن تحصرم فَلَزِمَهُ من يَوْمئِذٍ مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة واعتنى بالتصريف وَلما مَاتَ أَبُو عَليّ تصدر ابْن جني مَكَانَهُ بِبَغْدَاد وَأخذ عَنهُ الثمانيني وَعبد السَّلَام الْبَصْرِيّ وَأَبُو الْحسن السمسمي وَجرى بَينه وَبَين أبي نصر بشر بن هَارُون كَلَام فِي معنى شَيْطَان يُقَال لَهُ العوار أَو العدار وَإِذا لَقِي إنْسَانا وَطئه فَقَالَ)
لَهُ ابْن جني بودك لَو لقيك فَإِنَّهُ كَانَ لأمنيتك دَوَاء فَقَالَ أَبُو نصر
(زعمت أَن العذار خدني ... وَلَيْسَ خدناً لي العذار)
(عفر من الْجِنّ أَنْت أولى بِهِ ... ففيهم لَك افتخار)
(فالجن جن وَنحن إنس ... شتان هَذَانِ يَا حمَار)
(وَنحن من طِينَة خلقنَا ... خلق الْجِنّ مِنْهُ نَار)
(العر والعار فِيك تما ... والعور التَّام والعوار)
وَكَانَ يَوْمًا يتحدث بِحَضْرَة أبي الْحُسَيْن القمي الْكَاتِب وَكَانَت لأبي الْفَتْح عَادَة إِذا تحدث أَن يمِيل بشفتيه وَيُشِير بِيَدِهِ فَبَقيَ القمي شاخصاً إِلَيْهِ فَقَالَ أَبُو الْفَتْح مَالك تحدق إِلَيّ وتكثر التَّعَجُّب مني قَالَ شبهت مولَايَ الشَّيْخ وَهُوَ يتحدث وَيَقُول ببوزه كَذَا وَبِيَدِهِ كَذَا بقرد رَأَيْته الْيَوْم عِنْد صعودي إِلَى دَار المملكة وَهُوَ على شاطئ دجلة يفعل مَا يَفْعَله مَوْلَانَا فامتعض أَبُو الْفَتْح وَقَالَ مَا هَذَا القَوْل أعزّك الله وَمَتى رَأَيْتنِي أمزح مَعَك فتمزح معي بِمثل هَذَا فَلَمَّا رَآهُ أَبُو الْحُسَيْن قد استشاط غَضبا قَالَ المعذرة إِلَيْك أَيهَا الشَّيْخ عَن أَن أشبهك بالقرد وَإِنَّمَا شبهت القرد بك فَضَحِك أَبُو الْفَتْح وَقَالَ مَا أحسن مَا اعتذرت وَعلم أَنَّهَا نادرة تشيع فَكَانَ أَبُو الْفَتْح يتحدث بهَا دَائِما واجتاز يَوْمًا بِأبي الْحُسَيْن الْمَذْكُور فِي الدِّيوَان وَبَين يَدَيْهِ كانون فِيهِ نَار وَالْبرد شَدِيد فَقَالَ لَهُ أَبُو الْفَتْح تعال أَيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute