الشَّيْخ إِلَى النير فَقَالَ أعوذ بِاللَّه وَقَالَ ابْن الزمكدم الْموصِلِي يهجو ابْن جني يَا أَبَا الْفَتْح قد أَتَيْنَاك للتدريس وَالْعلم فِي فنائك رحب فَوَجَدنَا فتاة بَيْتك أنحى مِنْك والنحو مُؤثر مُسْتَحبّ
(قدماها مَرْفُوعَة وَهِي خفض ... فَلم الأير فَاعل وَهُوَ نصب)
(مَذْهَب خَالَفت شيوخك فِيهِ ... فَهِيَ تصبي بِهِ الْحَلِيم وتصبو)
وَوجد بِخَط ابْن جني على ظهر كتاب الْمُحْتَسب فِي علل الْقرَاءَات الشاذة أَخْبرنِي بعض من يعتادني للْقِرَاءَة عَليّ وَالْأَخْذ عني قَالَ رَأَيْتُك فِي مَنَامِي جَالِسا فِي مجْلِس لَك على حَال كَذَا وبصورة كَذَا وَذكر من الْحِلْية والشارة جميلاً وَإِذا رجل لَهُ رواء ومنظر وَظَاهر نبل وَقدر قد أَتَاك فحين رَأَيْته أعظمت مورده وأسرعت الْقيام لَهُ فَجَلَسَ فِي صدر مجلسك وَقَالَ لَك إجلس فَجَلَست فَقَالَ كَذَا شَيْئا ذكره ثمَّ قَالَ لَك أتمم كتاب الشواذ الَّذِي عَلمته فَإِنَّهُ)
كتاب يصل إِلَيْنَا ثمَّ نَهَضَ فَلَمَّا ولى سَأَلت بعض من كَانَ مَعَه عَنهُ فَقَالَ عَليّ ابْن أبي طَالب كرم الله وَجهه ذكر هَذَا الرَّائِي هَذِه الرُّؤْيَا لي وَقد من نواحي هَذَا الْكتاب أميكنات تحْتَاج إِلَى معاودة نظر وَأَنا على الْفَرَاغ مِنْهَا وَبعده مُلْحق فِي الْحَاشِيَة بِخَطِّهِ أَيْضا ثمَّ عاودتها فَصحت بلطف الله ومشيئته وَلما مَاتَ أَبُو الْفَتْح رثاه الشريف الرضي بقصيدة عدتهَا تِسْعَة وَخَمْسُونَ بَيْتا مِنْهَا
(لتبك أَبَا الْفَتْح الْعُيُون بدمعها ... وألسننا من قبلهَا بالمناطق)
(إِذا هَب من تِلْكَ الغليل بدامع ... تسرع من هَذَا الْغَمَام بناطق)
(طوى مِنْهُ بطن الأَرْض مَا تستعيده ... على الدَّهْر منشوراً بطُون المهارق)
(مضى طيب الأردان يأرج ذكره ... كريح الصِّبَا تندى لعرنين ناشق)
(وَمَا أحتاج بردا غير برد عفافه ... وَلَا عرف طيب غير تِلْكَ الْخَلَائق)
(تروق مَاء الود بيني وَبَينه ... وطاح القذى عَن سلسل الطّعْم رائق)
(سقاك وَهل يسقيك إِلَّا تعلة ... لغير الروى قطر الغيوم الودائق)
(من المزن جمجام إِذا التج لجة ... أَضَاءَت تواليه زناد البوارق)
(وَمَا فرحي أَن جاورتك حديقة ... وقبرك مَمْلُوء بغر الحدائق)