وَعَن أبي صَالح قَالَ كنت مَعَ ابْن عَبَّاس بِعَرَفَة فَأَتَاهُ فتيَان يحملون فَتى لم يبْق إِلَّا خياله فَقَالُوا لَهُ يَا ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادْع لنا الله تَعَالَى لَهُ فَقَالَ وَمَا بِهِ فَقَالَ الْفَتى
(بِنَا من جوى الأحزان فِي الصَّدْر لوعة ... تكَاد لَهَا نفس الشفيق تذوب)
(ولكنما أبقى حشاشة معول ... على مَا بِهِ عود هُنَاكَ صَلِيب)
قَالَ ثمَّ خَفَقت فِي أَيّدهُم فَإِذا هُوَ قد مَاتَ فَمَا رَأَيْت ابْن عَبَّاس فِي عشيته سَأَلَ الله إِلَّا الْعَافِيَة مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ ذَلِك الْفَتى قَالَ وَسَأَلت عَنهُ فَقيل لي هَذَا عُرْوَة بن حزَام وَمن شعر عُرْوَة بن حزَام
(خليلي من عليا هِلَال بن عَامر ... بِصَنْعَاء عوجا الْيَوْم وانتظراني)
)
(وَلَا تزهدا فِي الْأجر عِنْدِي وأجملا ... فإنكما بِي الْيَوْم مبتليان)
(إلما على عفراء إنَّكُمَا غَدا ... بوشك النَّوَى والبين معترفان)
(فيا واشيي عفراء ويحكما بِمن ... وَمَا وَإِلَى من جئتما تشيان)
(بِمن لَو أرَاهُ عانياً لفديته ... وَمن لَو رَآنِي عانياً لفداني)
(مَتى تكشفا عني الْقَمِيص تَبينا ... بِي السقم من عفراء يَا فتيَان)
(فقد تَرَكتنِي لَا أعي لمحدث ... حَدِيثا وَإِن نَاجَيْته وَدَعَانِي)
(جعلت لعراف الْيَمَامَة حكمه ... وعراف نجد إِن هما شفياني)
(فَمَا تركا من حِيلَة يعلمانها ... وَلَا شربة إِلَّا وَقد سقياني)
(ورشا على وَجْهي من المَاء سَاعَة ... وقاما مَعَ العواد يبتدران)
(وَقَالا شفاك الله وَالله مَا لنا ... بِمَا ضمنت مِنْك الضلوع يدان)
(فويلي على عفراء ويل كَأَنَّهُ ... على الصَّدْر والأحشاء حد سِنَان)
(أحب ابْنة العذري حبا وَإِن نأت ... ودانيت مِنْهَا غير مَا تريان)
(إِذا رام قلبِي هجرها حَال دونه ... شفيعان من قلبِي لَهَا جدلان)
(إِذا قلت لَا قَالَا بلَى ثمَّ أصبحا ... جَمِيعًا على الرَّأْي الَّذِي يريان)
(تحملت من عفراء مَا لَيْسَ لي بِهِ ... وَلَا للجبال الراسيات يدان)
(فيا رب أَنْت الْمُسْتَعَان على الَّذِي ... تحملت من عفراء مُنْذُ زمَان)