للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهَا أَنه قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن شخصا أَطْعمنِي دجَاجَة مطبوخة فَأكلت مِنْهَا ثمَّ استيقظت وبقيتها فِي يَدي وَهَذَا شَيْء عَجِيب وَهَذِه الوقائع مَشْهُورَة عَنهُ وَلما دخل السُّلْطَان غازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكوين جنكرخان بَغْدَاد سنة بضع وَتِسْعين وسِتمِائَة علم الشَّيْخ زين الدّين الْمَذْكُور فَقَالَ إِذا جِئْت غَدا الْمدرسَة المستنصرية أجتمع بِهِ فَلَمَّا أَتَى غازان المستنصرية احتفل النَّاس لَهُ وَاجْتمعَ بِالْمَدْرَسَةِ أَعْيَان بَغْدَاد وأكبرها من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء والعظماء وَفِيهِمْ الشَّيْخ زين الدّين الْآمِدِيّ لتلقي غازان فَأمر غازان أكَابِر أمرائه أَن يدخلُوا الْمدرسَة قبله وَاحِد بعد وَاحِد وَيسلم كل مِنْهُم على زين الدّين ويهمه الَّذِي مَعَه أَنه هُوَ السُّلْطَان امتحانا لَهُ فَجعل النَّاس كلهم كلما قدم أَمِير يزهزهون لَهُ ويعظمونه ويأتون بِهِ إِلَى زين الدّين ليسلم عَلَيْهِ وَالشَّيْخ زين الدّين يرد عَلَيْهِ السَّلَام من غير تحرّك وَلَا احتفال حَتَّى جَاءَ السُّلْطَان فِي دون من تقدمه من الْأُمَرَاء فِي الحفل وَسلم على زين الدّين وَصَافحهُ فحين وضع يَده فِي يَده نَهَضَ لَهُ قَائِما وَقبل يَده وَعظم ملتقاه والاحتفال بِهِ وَأعظم الدُّعَاء لَهُ بِاللِّسَانِ المغلى ثمَّ بالتركي ثمَّ الْفَارِسِي ثمَّ بالرومي ثمَّ بالعربي وَرفع بِهِ صَوته وَرفع بِهِ صَوته إعلاما للنَّاس فَعجب السُّلْطَان من فطنته وذكائه وحدة ذهنه مَعَ ضَرَره ثمَّ إِن السُّلْطَان خلع عَلَيْهِ فِي الْحَال ووهبه مَالا ورسم لَهُ بمرتب فِي كل شهر ثَلَاثمِائَة دِرْهَم وحظى عِنْده وَعند أمرائه ووزرائه وحوانيته وَمن تصانيفه جَوَاهِر التبصير فِي علم التَّعْبِير وَله تعاليق كَثِيرَة فِي الْفِقْه وَالْخلاف وَغير ذَلِك وانتفع بِهِ جمَاعَة وَكَانَ يتجر فِي الْكتب وَله كتب كثير جدا وَإِذا طلب مِنْهُ كتاب نَهَضَ إِلَى كتبه وَأخرجه من بَينهَا وان كَانَ الْكتاب عدَّة مجلدات وَطلب من الأول مثلا أَو الثَّانِي أَو الثَّالِث أَو غَيره أخرجه بِعَيْنيهِ وَكَانَ يمس الْكتاب أَولا ثمَّ يَقُول يشْتَمل هَذَا المجلد على كَذَا وَكَذَا أكراس فَيكون الْأَمر كَمَا قَالَ وَإِذا مر بِيَدِهِ على الصفحة قَالَ عدد أسطرها كَذَا كَذَا سطرا فِيهَا بالقلم الغليظ هَذَا وَهَذَا الْمَوَاضِع كتبت بِهِ فِي الوجهة وفيهَا بالأحمر هَذَا وَهَذَا لموا ضع كتبت فِيهَا بالأحمر وان أتفق أَنَّهَا كتبت بخطين أَو ثَلَاثَة قَالَ اخْتلف الْخط من هُنَا إِلَى هُنَا من غير إخلال بِشَيْء مِمَّا يهتجن بِهِ وَكَانَ لَا يُفَارِقهُ الإشغال والاشتغال فِي غَالب أوقاته وَلِلنَّاسِ عَلَيْهِ إقبال عَظِيم لفضله وَدينه وورعه

<<  <  ج: ص:  >  >>