للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَتُوفِّي رَحمَه الله بعد سنة اثْنَتَيْنِ عشرَة وَسَبْعمائة

١٩٩ - القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير عَليّ بن أَحْمد بن سعيد القَاضِي الرئيس عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير كَاتب السِّرّ السلطاني صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء أَيَّام السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن الْمَنْصُور تقدم ذكر وَالِده وَعَمه عماد الدّين إِسْمَاعِيل لما توجه السُّلْطَان إِلَى الكرك فِي الْمرة الْأَخِيرَة توجه عَلَاء الدّين فِي خدمته فَأَقَامَ عِنْده مُدَّة ووعده بالمنصب وَأَعَادَهُ إِلَى الْقَاهِرَة وَلما قدم السُّلْطَان كَانَ عَلَاء الدّين أكديش بَاعه بِمِائَة وَعشْرين درهما وَتوجه إِلَى لِقَاء السُّلْطَان وَاشْترى بِثمن الأكديش حلاوة فَلَمَّا اسْتَقر الْأَمر أَقَامَ مُدَّة يسيرَة ثمَّ إِنَّه جهز القَاضِي شرف الدّين ابْن فضل الله إِلَى الشَّام وَولى عَلَاء الدّين صحابة الدِّيوَان وَعظم جاهه وتقدمه وأمواله وَدرت عَلَيْهِ نعم السُّلْطَان وَزَاد فِي الإقبال عَلَيْهِ وَلم يحصل لأحد مَا حصل لَهُ فِي الْوَظِيفَة كَانَ السُّلْطَان يَأْمُرهُ بأَشْيَاء يَدعه يكْتب فِيهَا عَن نَفسه إِلَى نواب الشَّام ويجيبونه عَن ذَلِك وَكَانَ يركب فِي سِتَّة عشر مَمْلُوكا أَو أَكثر من ذَلِك كلهم أتراك فيهم مَا هُوَ بِعشْرَة آلَاف وَأكْثر وَكَانَ أَخا لَا يتَكَلَّم إِلَّا بالتركي لكنه أَصَابَهُ فالج تعلل بِهِ أَكثر من سنة وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَقد عزل بِالْقَاضِي مُحي الدّين بن فضل الله وَولده القَاضِي شهَاب الدّين وَآخر مَا آل إِلَيْهِ من الفالج أَنه لم يبْق فِيهِ شَيْء يَتَحَرَّك غير جفونه فَكَانَ إِذا أَرَادَ شَيْئا علا بِصَوْتِهِ صَارِخًا فيحضرون إِلَيْهِ ويدقون على الأَرْض دقات مُتَوَالِيَة وَهُوَ يعد لَهَا الْحُرُوف من المعجم فَإِذا وصل إِلَى أول حرف من مَقْصُوده أطرق بخفض طرفه فيحفظ ذَلِك الْحَرْف ثمَّ إِذا فعلوا ثَانِيًا أمهلهم حَتَّى يصلوا إِلَى الْحَرْف الثَّانِي مِمَّا أَرَادَ فيطرق جفْنه فيحفظ ذَلِك وَلَا يزالون يَفْعَلُونَ ذَلِك ثَانِيًا وثالثا وهلم جرا حَتَّى يفرغ مِمَّا أَرَادَهُ وَكَانَ يطول الزَّمَان عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم حَتَّى يفهموا عَنهُ لَفْظَة أَو لفظتين نسْأَل الله الْعَافِيَة من آفَات هَذِه الدَّار وَكَانَ يكْتب خطا قَوِيا مَنْسُوبا وَله قدرَة على إصْلَاح اللَّفْظَة وإبرازها من صِيغَة إِلَى صِيغَة وَلَا يخرج كتاب عَن الدِّيوَان حَتَّى يتأمله وَلَا بُد لَهُ أَن يزِيد فِيهِ شَيْئا بقلمه وَله إنْشَاء وَهُوَ الَّذِي كتب توقيع مجد الدّين الأقصرائي بمشيخة الشُّيُوخ بسريا قَوس ومدحه النَّاس وَمِمَّا كتب إِلَيْهِ شهَاب الدّين مَحْمُود // (من الوافر) //

(أما ومكانة لَك فِي ضميري ... وَذكر لَا يزَال معي سميري)

<<  <  ج: ص:  >  >>