للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي فَمه مرّة أُخْرَى وَكَانَ مَعَ هَذَا الصلف والظرف والتجنب يصبر على مواكلة أبي الْفرج ويحتمله لأدبه ومحادثته وَلما طَال الْأَمر على الْوَزير صنع لَهُ مائدتين عَامَّة وخاصة يَدْعُو إِلَى الْخَاصَّة من يُرِيد مواكلته

وَكَانَ أَبُو الْفرج أكولاُ نهماً فَإِذا ثقل الطَّعَام على معدته تنَاول خَمْسَة دَرَاهِم فلفلاً مدقوقاً وَلَا يُؤْذِيه وَلَا تَدْمَع مِنْهُ عَيناهُ وَكَانَ لَا يقدر أَن يَأْكُل حمصة وَاحِدَة وَلَا يَأْكُل طَعَاما فِيهِ حمص وَإِذا أكل شَيْئا مِنْهُ سرى بدنه كُله وَبعد سَاعَة أَو ساعتين يفصد وَرُبمَا لذَلِك دفعتين قَالَ وَلم أدع طَبِيبا حاذقاً إِلَّا سَأَلته عَن ذَلِك وَلَا يُخْبِرنِي عَن السَّبَب وَلَا يعلم لَهُ دَوَاء فَلَمَّا كَانَ قبل فالجه ذهبت عَنهُ الْعَادة فِي الحمص فَصَارَ يَأْكُلهُ وَلَا يضرّهُ وَبقيت عَلَيْهِ عَادَة الفلفل

وَكَانَ يَوْمًا هُوَ والوزير المهلبي فِي مجْلِس شراب فَسَكِرَ الْوَزير وَلم يبْق أحد من الندماء غير أبي الْفرج فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْفرج أَنا أعلم أَنَّك تهجوني سرا فاهجني السَّاعَة جَهرا فَقَالَ الله الله أَيهَا الْوَزير فِي إِن كنت قد مللتني انْقَطَعت وَإِن كنت تُؤثر قَتْلِي فبالسيف إِذا شِئْت فَقَالَ لَا بُد من ذَلِك فَقَالَ لي أير بلولب فَقَالَ الْوَزير فِي حر أم الْمُهلب هَات مصراعاً آخر فَقَالَ الطَّلَاق يلْزم الْأَصْفَهَانِي إِن زَاد على هَذَا

وَكَانَ أَبُو الْقَاسِم الْجُهَنِيّ الْمُحْتَسب على فَضله فَاحش الْكَذِب كَانَ فِي بعض الْأَيَّام فِي مجْلِس فِيهِ أَبُو الْفرج فَجرى حَدِيث النعنع وَإِلَى أَي حد يطول فَقَالَ الْجُهَنِيّ فِي الْبَلَد الْفُلَانِيّ نعنع)

يتشجر حَتَّى يعْمل من خشبه السلاليم فاغتاظ أَبُو الْفرج من ذَلِك وَقَالَ نعم عجائب الدُّنْيَا كَثِيرَة وَلَا يدْفع هَذَا وَلَا يستبعد وَعِنْدِي مَا هُوَ أعجب من هَذَا وَأغْرب وَهُوَ زوج حمام راعبي يبيض فِي كل نَيف وَعشْرين يَوْمًا بيضتين فأنتزعهما من تَحْتَهُ وأضع مكانهما صنجة مائَة وصنجة خمسين فَإِذا انْتَهَت مُدَّة الحضان تفقست الصنجتان عَن طست وإبريق أَو سطل وكرنيب فَعم أهل الْمجْلس الضحك وفطن الْجُهَنِيّ وانقبض عَن كثير مِمَّا كَانَ يحكيه

وَمن تصانيف أبي الْفرج كتاب الأغاني الْكَبِير كتاب مُجَرّد الأغاني كتاب التَّعْدِيل والانتصاف فِي أَخْبَار الْقَبَائِل وأنسابها كتاب مقَاتل الطالبيين كتاب أَخْبَار

<<  <  ج: ص:  >  >>