لسيف الدولة ابْن حمدَان فَأعْطَاهُ ألف دِينَار وَبلغ ذَلِك الصاحب ابْن عباد فَقَالَ لقد قصر سيف الدولة وَإنَّهُ يستاهل أضعافها وَوصف الْكتاب وَأَطْنَبَ فِي وَصفه ثمَّ قَالَ لقد اشْتَمَلت خزانتي على مِائَتي ألف مُجَلد وَسَبْعَة عشر ألف مُجَلد مَا مِنْهَا مَا هُوَ سميري غَيره وَلَا راقني مِنْهَا سواهُ وَلم يكن كتاب الأغاني يُفَارق سيف الدولة فِي سفر وَلَا حضر وَقَالَ أَبُو الْفرج جمعته فِي خمسين سنة وكتبت بِهِ نُسْخَة وَاحِدَة وَهِي الَّتِي أهديت لسيف الدولة
قَالَ ياقوت كتبت مِنْهُ نُسْخَة بخطي فِي عشر مجلدات وجمعت تراجمه ونبهت على فَوَائده وَذكرت السَّبَب الَّذِي من أَجله وضع تراجمه وَوَجَدته يعد بِشَيْء وَلَا يَفِي بِهِ فِي غير مَوضِع مِنْهُ كَقَوْلِه فِي آخر أَخْبَار أبي الْعَتَاهِيَة وَقد طَالَتْ أخباره هَا هُنَا وَسَنذكر أخباره مَعَ عتب فِي مَوضِع آخر وَلم يفعل وَقَالَ فِي مَوضِع آخر أَخْبَار أبي نواس مَعَ جنان إِذْ كَانَت سَائِر أخباره قد تقدّمت وَلم يتَقَدَّم شَيْء إِلَى أشباه ذَلِك والأصوات الْمِائَة هِيَ تسع وَتسْعُونَ وَمَا أَظن إِلَّا أَن الْكتاب قد سقط مِنْهُ شَيْء أَو يكون النسْيَان غلب عَلَيْهِ وَالله أعلم
قلت وَقد ذكرت فِي صدر الْكتاب فِي الديباجية عِنْدَمَا سردت أَسمَاء الْكتب المصنفة فِي التواريخ جمَاعَة مِمَّن اخْتَار كتاب الأغاني وَكَانَ أَبُو الْفرج من أَصْحَاب الْوَزير أبي مُحَمَّد المهلبي الخصيصين بِهِ وَكَانَ أَبُو الْفرج وسخاً فِي نَفسه ثمَّ فِي ثَوْبه قذراً لم يكن يغسل دراعة يلبسهَا وَلَا تزَال عَلَيْهِ أَن تبلى وَكَانَ لَهُ قطّ اسْمه يقق مرض ذَلِك القط بقولنج فحقنه بِيَدِهِ وَخرج ذَلِك الْغَائِط على يَدَيْهِ وَقد طرق الْبَاب عَلَيْهِ بعض أَصْحَابه الرؤساء فَخرج إِلَيْهِم وَهُوَ بِتِلْكَ الْحَال لم يغسل يَدَيْهِ وَاعْتذر إِلَيْهِم بشغله عَنْهُم بِأَمْر القط وَكَانَ يَوْمًا على مائدة)
الْوَزير أبي مُحَمَّد المهلبي فَقدمت سكباجة فَوَافَقت من أبي الْفرج سعلة فبدر من فَمه قِطْعَة بلغم وَقعت فِي وسط السكباجة فَقَالَ الْوَزير إرفعوها وهاتوا من هَذَا اللَّوْن بِعَيْنِه فِي غير هَذِه الغضارة وَلم يبن عِنْده وَلَا فِي وَجهه إِنْكَار وَلَا دَاخل أَبَا الْفرج استحياء وَلَا انقباض
وَكَانَ الْوَزير من الصلف على مَا حُكيَ عَنهُ أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ أكل شَيْء بملعقة كالأرز وَاللَّبن وَغير ذَلِك وقف من الْجَانِب الْأَيْمن غُلَام مَعَه ثَلَاثُونَ ملعقة زجاجاً مجروداً فَيَأْخُذ ملعقة وَيَأْكُل بهَا لقْمَة وَاحِدَة وناولها لغلام آخر وقف على يسَاره ثمَّ يتَنَاوَل ملعقة غَيرهَا جَدِيدَة وَيَأْكُل بهَا لقْمَة وَاحِدَة ثمَّ يَدْفَعهَا إِلَى الْغُلَام الَّذِي على يسَاره حَتَّى لَا يدْخل الملعقة