ذكر جده يُوسُف وَذكر جد أَبِيه عمر فِي مكانيهما
ولد الْملك الْمُجَاهِد تَقْرِيبًا سنة إِحْدَى وَسبع مائَة بتعز وَولي الْملك بعد وَالِده وَجَرت لَهُ حروب وكروب ذكرتها مُخْتَصرا فِي تَرْجَمَة وَالِده قَرَأَ الْقُرْآن وختمه وَحفظ التَّنْبِيه وَبحث وَشرح وَتخرج على أَشْيَاخ مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم الصَّنْعَانِيّ وتأدب على الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْبَاقِي الْيَمَانِيّ وَأخذ بَقِيَّة الْعلم عَن الْأَشْيَاخ بِالْيمن وَعَن الغرباء الْفُضَلَاء الداخلين إِلَى الْيمن
وَنظر فِي الْعُلُوم وناظر وشارك وَله فهم وذوق فِي الْأَدَب
أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام صدر الدّين سُلَيْمَان بن دَاوُد بن عبد الْحق وَقد تقدم ذكره أَنه عِنْده ذكاء مفرط وَأَنه قَرَأَ عَلَيْهِ الْمَنْظُومَة بحثا وفهماً وَكِتَابَة وضبطاً وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَيْضا الْمِصْبَاح لِابْنِ مَالك قَالَ ويلعب بِالرُّمْحِ وَيَرْمِي بالنشاب جيدا وَقَالَ إِنَّه برز وَحده لسبع مائَة نفر من مماليك وَالِده وجماعته لما خرج عَلَيْهِ النَّاصِر بعد وَالِده بزبيد وَوصف لي من لطفه وآدابه مَعَ من يحاضره وَيخْتَص بِهِ شَيْئا كثيرا وَقَالَ إِن فِيهِ كرماً ومحبة لأهل الْعلم وللفقراء وكتابته أَنا رَأَيْتهَا وَهِي فِي غَايَة الْقُوَّة والسرعة وقفت أَنا عَلَيْهَا فِي عدَّة مراسلات إِلَى صدر الدّين الْمَذْكُور وأنشدني الشَّيْخ صدر الدّين قَالَ كتبت إِلَى الْملك الْمُجَاهِد لما طلع من زبيد سنة إِحْدَى وَخمسين وَسبع مائَة وَقد ركب فِي شختور فِي الْبَحْر وَتصدق وأغدق من الطَّوِيل
(وَلم أنس يَوْم الشرم وَالْبَحْر سَاكن ... وَقد سَار شختور وَفِي وَسطه الْبَدْر)
(عَليّ بن دَاوُد الَّذِي حَيْثُمَا سرى ... سرى الْجُود وَالْإِحْسَان والبشر واليسر)
(تملك كل الأَرْض قهرا بِسَيْفِهِ ... وَأدنى عطاياه الصواهل والدر)
(عجبت لشختور الْمُجَاهِد إِذْ سرى ... وَمن فَوْقه بَحر وَمن تَحْتَهُ بَحر)
قَالَ فَأَجَابَنِي عَن ذَلِك من الطَّوِيل
(لقد جَاءَ صدر الدّين بالنظم فاخراً ... وأوجز مَا يحْكى بِمَا بَين الشّعْر)
(حكايات ليل النَّحْل لَا كَانَ وَاديا ... لقد تعبت مِنْهُ القوائم وَالظّهْر)
(وَقد زَاد قبحاً بِالسُّيُوفِ فغيرت ... بِهِ طرقاً قد حَار فِي وصفهَا الْفِكر)
)
(وَلَكِن تسلينا عَن الْهم كُله ... تعز حماها الله وأسعدها الدَّهْر)
وَمن شعر الْملك الْمُجَاهِد صَاحب الْيمن
(عَجِيب على ذَا الْقلب من جنبو ... فِي عشق من لَا فِي الْهوى جن بو)