وأنشدني الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه أَيْضا قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ الْبَيْتَيْنِ الطائيين اللَّذين ذكرتهما أَنا فِي هَذَا الْمَعْنى وأنشدني الشَّيْخ أثير الدّين لَهُ أَيْضا مَا قَالَه فِي الشَّيْخ زين الدّين ابْن الرعاد
(لقد عَابَ شعري فِي الْبَريَّة شَاعِر ... وَمن عَابَ أشعاري فَلَا بُد أَن يهجا)
(وشعري بَحر لَا يوافيه ضفدع ... وَلَا يقطع الرعاد يَوْمًا لَهُ لجا)
)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(وَإِنِّي اختبرت النَّاس فِي حالتي غنى ... وفقر فَمَا أحمدت من أحد خَبرا)
(وَقد هذب التجريب كل مُغفل ... فَمَا أبقت الْأَيَّام من أحد غرا)
وروى عَنهُ الشَّيْخ أثير الدّين فَحِينَئِذٍ لي رِوَايَة جَمِيع شعره عَن أثير الدّين عَنهُ وَقَالَ الشَّيْخ أثير الدّين كَانَ البوصيري شَيخا مُخْتَصر الجرم وَكَانَ فِيهِ كرم قلت وأظن وَفَاته كَانَت فِي سنة سِتّ وَتِسْعين أَو سبع وَتِسْعين وست ماية أَو مَا حولهما وللبوصيري فِي مديح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصايد طنانة مِنْهَا قصيدة مَهْمُوزَة أَولهَا لَيْسَ ترقا رقيك الْأَنْبِيَاء وقصيدة على وزن بَانَتْ سعاد أَولهَا
(إِلَى مَتى أَنْت باللذات مَشْغُول ... وَأَنت عَن كل مَا قدمت مسؤل)
مِنْهَا فِي ذكر كفار قُرَيْش
(وأصبحت آيمات محصناتهم ... وأيماتهم وَهِي المثاكل)
(لَا تمسك الدمع من حزن عيونهم ... إِلَّا كَمَا تمسك المَاء الغرابيل)
وقصيدته الْمَشْهُورَة بالبردة الَّتِي أَولهَا
(أَمن تذكر جيران بِذِي سلم ... مزجت دمعاً جرى من مقلة بِدَم)
قَالَ البصيري كنت قد نظمت قصايد فِي مدح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا مَا كَانَ اقترحه عَليّ الصاحب زين الدّين يَعْقُوب بن الزبير ثمَّ اتّفق بعد ذَلِك أَنه أصابني فالج أبطل نصفي ففكرت فِي عمل قصيدتي هَذِه الْبردَة فعملتها واستشفعت بِهِ إِلَى الله عز وَجل فِي أَن يعافيني وكررت انشادها وبكيت ودعوت وتوسلت بِهِ ونمت فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح على وَجْهي بِيَدِهِ الركيمة وَألقى عَليّ بردة