وَكتب إِلَيْهِ الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي
(شَنِّفِ الأَسماعَ بالنظمِ الَّذِي ... قد حكى الأَنجمَ فِي ظلمائها)
(وبدا كالشَّمس إلَاّ أنَّهُ ... زَاد فِي الحُسن على لألائها)
فَكتب الْجَواب
(لَيْسَ للمملوكِ إلَاّ مِدحةٌ ... فِي معاليكَ وَفِي آلائها)
(وبحارُ الْفضل تجْرِي مِنْك لي ... فمقالي قَطْرَة من مَائِهَا)
وَأَخْبرنِي من لَفظه قَالَ عتبني شهَاب الدّين مَحْمُود وَهُوَ صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء وَقَالَ بَلغنِي أَن جمَاعَة ديوَان الْإِنْشَاء يذمُّونني وَأَنت حَاضر مَا تردّ غيبتي فَكتب إِلَيْهِ
(وَمن قَالَ إنَّ الْقَوْم ذمُّوك كاذبٌ ... وَمَا مِنْك إلَاّ الفضلُ يُوجد والجدُ)
(وَمَا أحدٌ إلَاّ لفضلك حامدٌ ... وَهل عِيبَ بَين النَّاس أَو ذُمَّ محمودُ)
فَكتب إليَّ بِأَبْيَات مِنْهَا
(علمتُ بأنِّي لم أُذمَّ بمجلسٍ ... وَفِيه كريمُ القومِ مثلُك موجودُ)
(وَلست أُزكِّي النَّفس إذْ لَيْسَ نافعي ... إِذا ذُمَّ منِّي الفعلُ والاسمُ محمودُ)
(وَمَا يكره الإنسانُ من أكل لَحْمه ... وَقد آنَ أَن يبْلى ويأكلَه الدودُ)
قَالَ فَلم يكن بعد ذَلِك إلَاّ أَيَّام قَلَائِل حتَّى توفّي رَحمَه الله تَعَالَى وَأكله الدُّود وَكتب على كتابي جنان الجناس لمَّا وقف عَلَيْهِ
(لقد ضمَّ أَجنَاس الجناس فأطربا ... وأعجزَ من باراه فِيهَا فأتعبا)
(صلاحٌ لدين الله أَبدى بدائعاً ... تروق بألفاظٍ أرقَّ من الصَّبا)
(يرَاهُ بليغ جَاءَ بالمدح سَائِلًا ... مجيزاً مجيباً قولَه لَا مخيِّبا)
(بإنشاده هَذَا وإنشائه لقد ... بِهِ فَاتَ من قد فاق فضلا ومنصِبا)
(فَقُسُّ إيادٍ عِنْد ذَا الْفضل ناقلٌ ... وَلَفظ امْرِئ الْقَيْس البديع هُنا هَبا)
وَمن شعره لمَّا أُمسك الْأَمِير سيف الدّين كَراي الْمَنْصُور نَائِب دمشق)
(أَنا راضٍ بحالتي لَا مزيدي ... وَبِأَن أَزَال عبدَ الحميدِ)
(إنَّ فِي أَمر كافل الْملك بالشا ... م عظاتٍ للحازم المستفيدِ)