الْإِنْشَاء بِدِمَشْق سنة إِحْدَى عشرَة وَسبع مائَة تَقْرِيبًا وَمَعَ فضائله لَا رَاح فِي الدِّيوَان وَلَا جَاءَ وَلَا استقلَّ بِكِتَابَة شَيْء كَمَا جرى لبَعض النَّاس حتَّى قلت
(لقد طالَ عهدُ الناسِ بابنِ فلانةٍ ... وَمَا جَاءَ فِي الدِّيوَان إلَاّ إِلَى وَرا)
(فَقلت كَذَا قاسَ الوَداعيُّ قبلَهُ ... وَلَا شكَّ فِيهِ أنَّه كَانَ أشعرا)
أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ القَاضِي شهَاب الدّين بن فضل الله مَا كتبه على ديوَان الوداعي
(بعثتُ بديوان الوَداعيِّ مُسرعاً ... إِلَيْك وَفِي أَثْنَائِهِ المدحُ والذمُّ)
(حكى شجرَ الدِّفلَى رُواءً ومَخبراً ... فظاهرهُ شمٌّ وباطنه سمُّ)
وَكَانَ شَاهدا بديوان الْجَامِع الْأمَوِي وَولي مشيخة النفيسيَّة وَكَانَ شَيخا وَله ذُؤابةٌ بَيْضَاء إِلَى أَن مَاتَ ونقلت من خطّه
(يَا عائباً منِّي بقاءَ ذؤابتي ... مهلا فقد أفرطتَ فِي تعييبِها)
(قد واصَلَتْني فِي زمانِ شبيبتي ... فعلامَ أقطعها أوانَ مشيبِها)
وإِنَّما عُرف بالوَداعي لأنَّه كَانَ كَاتبا لِابْنِ وَداعة وَلذَلِك قَالَ
(وَلَقَد خدمتُ الصاحبَ اب ... نَ وَداعةٍ دهراً طَويلا)
(فلقيتُ مِنْهُ مَا التقى ... أنَسٌ وَقد خدمَ الرسولا)
أَنْشدني الشَّيْخ شمس الدّين قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور من لَفظه لنَفسِهِ
(من زارَ بابكَ لم تَبْرَح جوارحُهُ ... تروي محاسنَ مَا أوليتَ من مِنَنِ)
(فالعينُ عَن قُرَّةٍ والكفُّ عَن صِلَةٍ ... والقلبُ عَن جابرٍ والأُذنُ عَن حَسَنِ)
)
وملكتُ ديوانه بخطّه وَجَمِيع مَا أوردهُ هُنَا من خطّه قَالَ
(تَراه إِذا أَنْت حيَّيْتَهُ ... ثقيلاً بطرحته الباردَهْ)
(كمثلِ الدَّجَاجَة منشورةَ ال ... جنَاح على بيضها قاعدَهْ)
وَقَالَ
(وزائرٍ مبتسمٍ ... يقولُ لمَّا جا أَنا)
(فَقَالَ أيري مُنشداً ... أَهلا بتينٍ جَاءَنَا)
وَقَالَ فِي مليح بقباء حَرِير أسود
(لله مَا أرشقه من كاتبٍ ... لَيْسَ لَهُ سوى دموعي مُهرقُ)