للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْجُمْهُور وَفِي الْعلمَاء من السّلف قَالَ محبّ الدّين بن النجَّار وَكَانَ خَبِيث اللِّسَان أَحمَق شَدِيد الكِبَر قَلِيل النّظر فِي الْأُمُور الدِّينِيَّة متهافتاً فِي دينه وَقَالَ قبل ذَلِك وَذكر أَنه سمع كتاب الصِّلَة لتاريخ الأندلس من ابْن بَشْكُوال وَأَنه سمع من أهل الأندلس غير أنِّي رَأَيْت النَّاس مُجمعين على كذبه وَضَعفه وادّعائه لِقَاء من لم يلقه وَسَمَاع مَا لم يسمعهُ وَكَانَت أَمَارَات ذَلِك لائحةً عَلَيْهِ وَكَانَ القلبُ يَأْبَى سَماع كَلَامه وَيشْهد بِبُطْلَان قَوْله وَكَانَ يُحكى من أَحْوَاله ويحرِّف فِي كَلَامه وصادف قبولاً من السُّلْطَان الْملك الْكَامِل وَأَقْبل عَلَيْهِ إقبالاً عَظِيما وَكَانَ يُعظِّمه ويحترمه ويعتقد فِيهِ ويتبرَّك بِهِ وسمعتُ من يذكر أَنه كَانَ يُسَوِّي لَهُ المداس حِين يقوم

وَكَانَ صديقنا إِبْرَاهِيم السَّنْهوري المحدّث صَاحب الرحلة إِلَى الْبِلَاد قد دخل إِلَى بِلَاد الأندلس وَذكر لعلمائها ومشايخها أَن ابْن دحْيَة يدَّعي أَنه قَرَأَ على جمَاعَة من شُيُوخ الأندلس القدماء فأنكروا ذَلِك وأبطلوه وَقَالُوا لم يلقَ هَؤُلَاءِ وَلَا أدركهم وإنَّما اشْتغل بِالطَّلَبِ أخيراً وَلَيْسَ نسبه بِصَحِيح فِي مَا يَقُوله ودحية لم يُعْقِبْ فَكتب السَّنهوري مَحْضَراً وَأخذ خطوطهم فِيهِ بذلك وَقدم بِهِ ديار مصر فاشتكى إِلَى السُّلْطَان مِنْهُ فَقَالَ هَذَا يَأْخُذ من عرضي وَيُؤْذِينِي فَأمر السُّلْطَان بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وأُشهر على حمَار وأُخرج من ديار مصر وَأخذ ابْن دحْيَة الْمحْضر وخرَّقهُ

قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وبسببه بنى السُّلْطَان دَار الحَدِيث بِالْقَاهِرَةِ وَجعله شيخها وَكَانَ يُرمى بشيءٍ من المجازفة وَقيل عَنهُ ذَلِك للكامل فَأمره بتعليق شيءٍ على الشهَاب فعلَّق كتابا تكلَّم فِيهِ على الْأَحَادِيث والأسانيد فلمَّا وقف عَلَيْهِ الْكَامِل قَالَ لَهُ بعد أَيَّام قد ضَاعَ منِّي ذَلِك الْكتاب فعلِّق لي مثله فَفعل فجَاء فِي الثَّانِي مناقضةُ الأول فَعلم الْكَامِل صحَّة مَا قيل عَنهُ

وَقَالَ القَاضِي شمس الدّين بن خلِّكان وَكَانَ أَبُو الخطَّاب بن دِحية عِنْد وُصُوله إِلَى إربل رأى اهتمام سلطانها الْملك المعظَّم مظفَّر الدّين بن زين الدّين بِعَمَل مولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنَّف لَهُ كتابا سمَّاه التَّنْوِير فِي مدح السراج الْمُنِير وَفِي آخر الْكتاب قصيدةٌ طَوِيلَة)

مدح بهَا مظفَّر الدّين وأوَّلها

(لَوْلَا الوشاة وَهُمُ ... أعداؤنا مَا وَهِمُوا)

وَقَرَأَ الْكتاب وَالْقَصِيدَة عَلَيْهِ ورأيتُ هَذِه القصيدة بِعَينهَا فِي مَجْمُوع مَنْسُوب للأسعد بن مَمَّاتي فَقلت لعلَّ النَّاقِل غلط ثمَّ رَأَيْتهَا بعد ذَلِك فِي ديوَان الأسعد بكمالها مدح بهَا السُّلْطَان الْملك الْكَامِل فقوي الظَّن ثمَّ إنِّي رَأَيْت أَبَا البركات بن المستوفي قد ذكر هَذِه

<<  <  ج: ص:  >  >>