القصيدة فِي تَارِيخ إربل عِنْد ذكر ابْن دحْيَة وَقَالَ سَأَلته عَن معنى قَوْله فِيهَا
(يَفديه من عَطا جُما ... دى كفِّه المُحَرَّمُ)
فَمَا أحار جَوَابا فقلتُ لعلَّه مثل قَول بَعضهم
(تسمَّى بأسماء الشُّهُور فكَفُّه ... جُمادى وَمَا ضمَّت عَلَيْهِ المُحَرَّمُ)
قَالَ فتبسَّم وَقَالَ هَذَا أردتُ وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَقد نيَّف على الثَّمَانِينَ وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ وَفِيه يَقُول شرف الدّين بن عُنَيْن
(دِحْيَةُ لم يُعْقِبْ فلِمْ تَعتري ... إِلَيْهِ بالبُهتان والإفكِ)
(مَا صحَّ عِنْد النَّاس شيءٌ سوى ... أنَّك من كلبٍ بِلَا شكِّ)
وَقد مرَّ فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ شيءٌ من ذكر ابْن دحْيَة هَذَا وَكَانَ شخصٌ من أدباء النَّصَارَى يتعصَّب لِابْنِ دحْيَة وَيَزْعُم أَن نسبه صَحِيح فَقَالَ فِيهِ تَاج العُلَى
(يَا أَيُّها العِيسِيُّ مَاذَا الَّذِي ... تروم أَن تُثبته فِي الصريحْ)
(إنَّ أَبَا الخطَّاب من دحيةٍ ... شِبه الَّذِي تذكره فِي المسيحْ)
(مَا فِيهِ من كلبٍ سوى أنَّه ... ينبح طولَ الدَّهْر لَا يستريحْ)
(أخْرَقُ لَا يُهدَى إِلَى رُشدِهِ ... كالنَّار شرًّا وكلامٌ كريحْ)
(فردَّه الله إِلَى غُرْبَةٍ ... أَو هَاهُنَا يستُرُه فِي الضريحْ)
فَقَالَ ابْن دحْيَة
(يَا ذَا الَّذِي يُعْزَى إِلَى هاشمٍ ... ذمُّك عِنْدِي فِي البرايا نَبِيحْ)
(ألستُ أَعلَى النَّاس فِي حفظ مَا ... يُسْنَدُ عَن جَدِّكُمُ فِي الصحيحْ)
(يكون حطِّي منكمُ طعنكم ... فِي نسبٍ زاكٍ عليَّ صريحْ)
(وأعجبُ الْأَمر شقائي بكم ... وأنَّني أُحْمَى بِقوم المسيحْ)
)
قلتُ وَالله إنَّ ابْن دحْيَة مَعْذُور فِي هَذَا القَوْل ولكنَّ حظَّ الأفاضل من الزَّمَان هَكَذَا سُبْحَانَ من لَهُ الْأَمر