للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(غطى عَلَيْهِ اللَّيْل أستاره ... فَبَاتَ فِي لهوٍ وعيشٍ خصيب)

(وَلَذَّة الأحمق مكشوفةٌ ... يسْعَى بهَا كل عَدو رَقِيب)

)

والرشيد ينظر إِلَى مَا يكْتب فَلَمَّا فرغ قَالَ أبلغت يَا أَبَت فلمال ورد الْكتاب على الْفضل لم يُفَارق السجد نَهَارا إِلَى أَن انْصَرف من عمله

وَكَانَ الْفضل لما ورد إِلَى خُرَاسَان دخل إِلَى بَلخ وَهِي وطنهم وَبهَا النوبهار وَهُوَ بَيت النَّار الَّتِي كَانَت الْمَجُوس تعبدها وَكَانَ جدهم خَالِد خَادِم ذَلِك الْبَيْت فَأَرَادَ الْفضل هدم ذَلِك الْبَيْت فَلم يقدر عَلَيْهِ لإحكام بنائِهِ فهدم مِنْهُ نَاحيَة وَبنى فِيهَا مَسْجِدا

وَلما وصل إِلَى خُرَاسَان أَزَال سيرة الْجور وَبنى الْمَسَاجِد والحياض والربط وأحرق مراكز البغايا وَزَاد الْجند وَوصل الزوار والقواد وَالْكتاب فِي سنة سبع بِعشْرَة آلَاف ألف دِرْهَم واستخلف على عمله وشخص آخر السّنة إِلَى الْعرَاق فَتَلقاهُ الرشيد وَجمع لَهَا النَّاس وأكرمه غَايَة الْإِكْرَام وَأمر الرشيد الشُّعَرَاء بمدحه والخطباء بِذكر فَضله فَكثر المادحون لَهُ فَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي

(لَو كَانَ بيني وَبَين الْفضل معفرةٌ ... فضل بن يحيى لأعداني على الزَّمن)

(هُوَ الْفَتى الْمَاجِد الميمون طَائِره ... وَالْمُشْتَرِي الْحَمد بالغالي من الثّمن)

وَكَانَ أَبُو الهول الْحِمْيَرِي قد هجا الْفضل فَرَآهُ رَاغِبًا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ وَيلك بِأَيّ وجهٍ تَلقانِي فَقَالَ بِالْوَجْهِ الَّذِي ألْقى بِهِ رَبِّي عز وَجل وذنوبي إِلَيْهِ أَكثر من ذُنُوبِي إِلَيْك فَضَحِك وَوَصله

وَمن كَلَام الْفضل مَا سرُور الْمَوْعُود بالفائدة كسروري بالإنجاز

ويحكى أَنه دخل عَلَيْهِ حَاجِبه يَوْمًا وَقَالَ إِن بِالْبَابِ رجلا يزْعم أَن لَهُ سَببا يمت إِلَيْك بِهِ فَقَالَ أدخلهُ فَدخل شَاب حسن رث الْهَيْئَة فَسلم فَأَوْمأ إِلَيْهِ بِالْجُلُوسِ فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ بعد سَاعَة مَا حَاجَتك فَقَالَ أعلمتك بهَا رثاثة حَالي قَالَ نعم فَمَا الَّذِي تمت بِهِ قَالَ ولادَة تقرب من ولادتك وَجوَار يدنو من جوارك وَاسم مُشْتَقّ من اسْمك فَقَالَ أما الْجوَار فَيمكن وَقد يُوَافق الِاسْم الِاسْم وَلَكِن من أعلمك بِالْولادَةِ قَالَ أَخْبَرتنِي أُمِّي أَنَّهَا لما ولدتني قيل لَهَا ولد هَذِه اللَّيْلَة ليحيى بن خَالِد غُلَام وَقد سَمَّاهُ الْفضل فسمتني فضيلاً إكباراً لاسمك أَن تلحقني بِهِ وصغرته لقُصُور قدري عَن قدرك فَتَبَسَّمَ الْفضل وَقَالَ كم

<<  <  ج: ص:  >  >>