أَتَى عَلَيْك من السنين قَالَ خمس وَثَلَاثُونَ سنة قَالَ صدقت هَذَا الْقدر أعد قَالَ فَمَا فعلت أمك قَالَ مَاتَت قَاتل فَمَا مَنعك من اللحاق بِنَا قَدِيما قَالَ لم أَرض نَفسِي للقائك لِأَنَّهَا كَانَت فِي عامية مَعهَا حَدَاثَة تقعد بِي عَن لحاق الْمُلُوك وعلق هَذَا بقلبي مُنْذُ أَعْوَام فشغلت نَفسِي بِمَا يصلح للقائك حَتَّى رضيت)
عَن نَفسِي قَالَ فَمَا تصلح لَهُ قَالَ للكبير من الْأَمر وَالصَّغِير قَالَ يَا غُلَام أعْطه لكل سنة مَضَت من سنيه ألف دِرْهَم وأعطه عشرَة آلَاف دِرْهَم يتجمل بهَا إِلَى وَقت اسْتِعْمَاله وَأَعْطَاهُ مركوباً سرياً
وَكَانَ الرشيد قد غضب على العتابي فشفع لَهُ الْفضل فَرضِي عَنهُ فَقَالَ
(مَا زلت فِي غَمَرَات الْمَوْت مطرحاً ... يضيق عني وسيع الرَّأْي من حيلي)
(فَلم تزل دائباً تسْعَى بلطفك لي ... حَتَّى اختلست حَياتِي من يَدي أَجلي)
وَقَالَ فِيهِ بعض الشُّعَرَاء
(مَا لَقينَا من جود فضل بن يحيى ... ترك النَّاس كلهم شعراء)
وعابوه كَونه مُفردا فَقَالَ أَبُو العذافر ورد القمي علم المفحمين أَن ينظموا الْأَشْعَار وَمنا الباخلين السخاء وَفِي الْفضل يَقُول مَرْوَان بن أبي حَفْصَة
(ألم تَرَ أَن الْجُود من كف آدم ... تحدر حَتَّى صَار فِي رَاحَة الْفضل)
(إِذا مَا أَبُو الْعَبَّاس غامت سماؤه ... فيا لَك من هطلٍ وَيَا لَك من ويل)
وَفِيه يَقُول أَيْضا
(إِذا أمّ طفلٍ راعها جوع طفلها ... غذته بِذكر الْفضل فاستطعم الطِّفْل)
(لحي بك الْإِسْلَام إِنَّك عزه ... وَإنَّك من قومٍ صَغِيرهمْ كهل)
فوصله بِمِائَة ألف دِرْهَم ووهب لَهُ طيفور جَارِيَته كاسية حَالية وشيئاً كثيرا من الْعرُوض فَقيل حصل لَهُ سَبْعمِائة ألف دِرْهَم وَلأبي نواس فِيهِ مدائح كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله
(طرحتم من الترحال أمرا فغمنا ... فَلَو قد رحلتم صبخ الْمَوْت بَعْضنَا)