مَا كَانَ نَالَ أحد مرتبته
كَانُوا يَوْمًا فِي ضِيَافَة الْأَمِير صَلَاح الدّين يُوسُف ابْن الْملك الأوحد وَقد شربوا القمز فَدخل عَلَيْهِم الْأَمِير سيف الدّين أوران الْحَاجِب وَهُوَ عِنْد تنكز بِمحل كَبِير فَأخذ قطلوبغا الهناب وَقَامَ وَقَالَ عنْدك يَا أَمِير فَلم يقبله فالح عَلَيْهِ فَلم يُوَافقهُ فَقَالَ تنكز عِنْدِي يَا أَمِير أَنا أَحَق بك وَالله يَا أُمَرَاء مَا عِنْد أستاذنا أكبر مِنْهُ وَلَا أعز وَلَو وطأ نَفسه قَلِيلا مَا كَانَ فِينَا يصل إِلَى ركابه وَأخذ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَالشُّكْر مِنْهُ وَمِنْهَا كَانَ الْوَاقِع وانتحس أوران بهَا إِلَى أَن مَاتَ
وَكَانَ إِذا شفع عِنْده لَا يردهُ وَلم يزل إِلَى أَن ترْضى لَهُ السُّلْطَان
وَكَانَ يحضر إِلَيْهِ بعد ذَلِك الْخَيل والجوارح من السُّلْطَان وَلم يزل إِلَى أَن كَانَت وَاقعَة تنكز فَكتب السُّلْطَان إِلَى افخري فِي الْبَاطِن وَقَالَ لَهُ يَا وَلَدي مَا خبأتك إِلَّا لهَذَا الْيَوْم أبْصر كَيفَ تكون وَهَذَا من رَاح مَعَه رَاح بِلَا دينا وَلَا آخِرَة
فَاجْتمع هُوَ والأمراء بِدِمَشْق وَخَرجُوا إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طشتمر وأمسكوا تنكز على مَا تقدم فِي تَرْجَمته فَنظر إِلَيْهِ والتركاش فِي وَسطه فَقَالَ لَهُ يَا فخري لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا أَنْت الآخر بالتركاش فَقَالَ مَا شدّ إِلَّا فِي يَوْمه ثمَّ إِنَّه أَقَامَ بعده بِدِمَشْق إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وَأخذ وَتوجه بهَا
ثمَّ توجه قطلوبغا إِلَى مصر فَطَلَبه وعظمه السُّلْطَان زَائِدا
وَلم يزل فِي أعز مكانة إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر فأظهر الْميل إِلَى قوصون وَكَانَ مَعَه على بشتاك وَحضر إِلَى الشَّام وَنزل فِي الْقصر الأبلق وَحلف النَّاس بعد السُّلْطَان لِابْنِهِ الْملك الْمَنْصُور أبي بكر وَذَلِكَ أَيَّام الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا فَخرج النَّاس وتلقوه ودعوا لَهُ)
وخصصوه بِالدُّعَاءِ دون ألطبغا وَقدم لَهُ الْأُمَرَاء وَغَيرهم بِدِمَشْق وَحلف النَّاس وَتوجه فَلَمَّا جرى للمنصور مَا جرى وخلعوه وملكوا الْأَشْرَف عَلَاء الدّين كجك أَخَاهُ وَجعلُوا الْأَمِير سيف الدّين قوصون نَائِبه مَال الفخري إِلَى قوصون ميلًا عظيماًَ وَقَامَ بنصره
وَطلب قوصون من يتَوَجَّه إِلَى الكرك لحصار السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد فَلم يَجْسُر أحد غير الفخري فَخرج هُوَ والأمير سيف الدّين قماري فِي ألفي فَارس إِلَى الكرك وَحصر النَّاصِر أَحْمد ووسط جمَاعَة من أهل الكرك وَبَالغ وَرُبمَا أفحش فِي الْكَلَام للناصر أَحْمد فحقدها عَلَيْهِ
ثمَّ لما بلغه أَن الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا نَائِب دمشق توجه إِلَى حلب لإمساك طشتمر الساقي نائبها وخلت دمشق من الْعَسْكَر حضر الفخري إِلَيْهَا وَترك الكرك فَخرج أهل دمشق إِلَيْهِ وتلقوه ودعوا لَهُ فَدَخلَهَا وَنزل على خَان لاجين واقترض من مَال الْأَيْتَام مبلغ أَرْبَعمِائَة للف دِرْهَم ونفق فِي من مَعَه من العساكر وَلحق الْأَمِير بهاء الدّين أصلم وَهُوَ على قارا بعسكر صفد ليلحق الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا