وَلما حضر إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر قوي جأشه وجأش من مَعَه وَكَانَ لما دخل إِلَى دمشق أحضر النَّاس وحلفهم للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد ودعا النَّاس إِلَى بيعَته وَمَال الْخلق إِلَيْهِ واستخدم الْجند البطالة ورتب أنَاس فِي وظائف وأحبه النَّاس كثيرا
وَحضر إِلَيْهِ الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر السلاري لما كَانَ بغزة وَأمْسك الطرقات وربطها على من يروح من حلب إِلَى مصر أَو يَجِيء من مصر إِلَى حلب ويمسك البريدية وَيَأْخُذ مَا معم
وعمى الْأَخْبَار على قوصون وعَلى الطنبغا وَظهر بعزم كَبِير وحزم كَبِير وساعده الْقدر وخدمته السَّعَادَة زَائِدا وَبَقِي أمره كلما جَاءَ يقوى وَأمر الطنبغا كلما جَاءَ يضعف
وترددت الرُّسُل بَينه وَبَين الطنبغا وَطَالَ الْأَمر وَلم يزَالُوا كَذَلِك إِلَى أَن وصل الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا من حلب وتنزل القطيفة وَأقَام بهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَجبن عَن لِقَاء الفخري وَمَعَهُ عَسْكَر دمشق وعسكر حلب وعسكر طرابلس فِي عدَّة تِسْعَة عشر ألف فَارس وضعفت نفوس الَّذين مَعَ الفخري وهموا بالهروب لأَنهم دون الثَّلَاثَة آلَاف فَارس بل وَلَا يصلونَ إِلَى أَلفَيْنِ)
لَكِن كَانَ مَعَه جبلية من أهل بعلبك وَالْبِقَاع وترددت الْقُضَاة بَينهمَا وَمَال الفخري إِلَى الصُّلْح وَقَالَ ارْجع عَنْك بِشَرْط أَن توفّي عني مَال الْأَيْتَام لأنني أنفقته على من معي من الْعَسْكَر وَلَا تقطع من رتبته فِي وَظِيفَة
فتوقف الطنبغا وَطَالَ التَّرَدُّد بَينهمَا والعسكران فِي المصاف وَهلك من مَعَ الطنبغا من الْجُوع لِأَن عَسْكَر الفخري حَال بَينه وَبَين دمشق وسيب الْمِيَاه على المرج فحال بَينه وَبَين حريمه وَبَين الْعَسْكَر وَبَين دمشق وَلَو نزل الطنبغا وَلم يقف بالقطيفة داس الفخري وَعَسْكَره دوساً
وَلَو وَافق الفخري على مَا أَرَادَ وَدخل إِلَى دمشق دَخلهَا ملكهَا وَبَقِي على حَاله نَائِبا والفخري ضيفاً عِنْده تَحت أوامره ونواهيه وَلَكِن إِذا أَرَادَ الله أمرا بلغه
فَلم يكن ذَلِك النَّهَار إِلَّا بِمِقْدَار الثَّالِثَة من النَّهَار حَتَّى مَال الْعَسْكَر الدِّمَشْقِي بمجموعه إِلَى الفخري وحركوا طبلخاناتهم وَتركُوا الطنبغا وَحده على مَا مر فِي تَرْجَمته فهرب فِي من هرب مَعَه من الْأُمَرَاء وَدخل الفخري بعساكره إِلَى دمشق وملكها وَنزل الْقصر الأبلق وَأخذ فِي تَحْلِيف العساكر للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد وجهز إِلَيْهِ ليحضر إِلَى دمشق فَقَالَ جهز لي الْأُمَرَاء الْكِبَار الَّذين عنْدك فَوجه إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر والأمير بهاء الدّين اصلم والأمير سيف الدّين قماري والأمير علم الدّين سُلَيْمَان بن هَمنَا فتوجهوا إِلَى الكرك وعادوا وَلم يحضر إِلَيْهِ ووعده بِأَنَّهُ إِذا حضر الْأَمِير طشتمر نَائِب حلب حضرت وعادوا وَلم يحضر إِلَيْهِ ووعده بِأَنَّهُ إِذا حضر الْأَمِير طشتمر بِلَاد الرّوم وَلم يزل فِي اللَّيْل وَالنَّهَار يعْمل على ذَلِك إِلَى أَن حضر وَوصل إِلَى دمشق فَخرج وتلقاه وَنزل بالنجيبية على الميدان وَحمل إِلَيْهِ مَالا عَظِيما