ووردت كتب السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد إِلَى الْأُمَرَاء الأكابر بِالشَّام تَتَضَمَّن أَن الْأَمِير سيف الدّين قطلوبغا الفخري هُوَ كافل الشَّام يولي النيابات الْكِبَار لمن يخْتَار فَوجه الْأَمِير عَلَاء الدّين طيبغا حاجي إِلَى حلب نَائِبا وَوجه الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي البشمقدار إِلَى حمص نَائِبا وَوجه الْأَمِير سيف الدّين طينال إِلَى طرابلس نَائِبا وَشرع فِي عمل آلَات السلطنة وشعرا الْملك وَيسْأل من السُّلْطَان الْحُضُور إِلَى دمشق وَهُوَ يسوف بهما إِلَى أَن عزم الفخري وطشتمر على التَّوَجُّه غليه بالعساكر فَلَمَّا خَرجُوا من دمشق وَسمع بهم توجه هُوَ وجده إِلَى)
الْقَاهِرَة فتوجها بالعساكر فَلَمَّا قاربا الْقَاهِرَة بعث إِلَى الفخري وَالِي طشتمر من يتلقاهما وَأكْرم نزلهما
واستتب الْأَمر للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد وَحلف المصريون والشاميون لَهُ
وَكَانَ افخري يَوْمئِذٍ وَاقِفًا مشدود الْوسط بِيَدِهِ عَصا محتفلاً بِالْأَمر احتفالاً كَبِيرا
وَخرج الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر الناصري إِلَى غَزَّة نَائِبا وَخرج الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الأحمدي إِلَى صفد نَائِبا وَخرج الْأَمِير سيف الدّين الْحَاج الْملك إِلَى حماة نَائِبا وَخرج الْأَمِير عَلَاء الدّين ايبدغمش إِلَى حلب نَائِبا وَخرج قطلوبغا الفخري بعد الْجَمِيع إِلَى دمشق نَائِيا
فَلَمَّا كَانَ قَرِيبا من الْعَريش لحقه الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا المارداني فِي ألفي فَارس لإمساكه وَالْقَبْض عَلَيْهِ فأحس بالقضية فَفرق مَا مَعَه من الْأَمْوَال وهرب فِي نفر قَلِيل من مماليكه وَلحق بالأمير عَلَاء الدّين أيدغمش وَهُوَ على عين جالوت مستجيراً بِهِ فَأكْرم نزله أول قدومه ثمَّ بدا لَهُ فِيمَا بعد فأمسكه وجهزه مَعَ وَلَده أَمِير عَليّ إِلَى الْقَاهِرَة
فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان إِمْسَاكه خرج إِلَى الكرك وَأخذ مَعَه طشتمر وَكَانَ قد أمْسكهُ أَولا على مَا تقدم فِي تَرْجَمته وسير إِلَى أَمِير عَليّ من تسلم مِنْهُ قطلوبغا الفخري وَسَار بِهِ إِلَى الكرك فَدخل السُّلْطَان الكرك واعتقل الفخري وطشتمر بالكرك مُدَّة يسيرَة
فَيُقَال إنَّهُمَا فِي لَيْلَة كسرا بَاب حبسهما وخرجا فَلَو ملكا سَيْفا أَو سِلَاحا ملكا القلعة تِلْكَ اللَّيْلَة
وَكَانَ السُّلْطَان قد بَات خَارج القلعة فَلَمَّا أصبحا أحضرهما وقتلهما صبرا
يحْكى أَن طشتمر خار من اقْتُل وَضعف وانحنى وَأما الفخري فَلم يهب الْمَوْت وَقَالَ للمتوكلين بهما بِاللَّه والكم قدموني قبل أخي هَذَا فَإِن هَذَا مَا لَهُ ذَنْب لَعَلَّه يحصل لَهُ شَفَاعَة بعدِي
وَكَانَ قَتلهمَا فِي أول الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة رَحمَه الله تَعَالَى
كَانَ شجاعاً داهية أريباً صباراً حليا جواداً
قَالَ لي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله مَا رَأَيْت اركم مِنْهُ لَا يستكثر على أحد شَيْئا يَطْلُبهُ وَكَانَ لَا يحسن يكْتب اسْمه وَلَا يعلم إِنَّمَا يكْتب عَنهُ على الْأَجْوِبَة والتواقيع دواداره سيف الدّين طغاي