إِلَيْهِ مثل ذَلِك
وَانْصَرف إِلَى أَبِيه وَسَأَلَهُ زواجها فَأبى عَلَيْهِ وَقَالَ بَنَات عمك أَحَق بك
وَكَانَ ذريح كثير المَال فَانْصَرف قيس وَقد سَاءَهُ مَا خَاطب بِهِ فاستعان بِأُمِّهِ على أَبِيه فَلم يجد عِنْدهَا مَا يحب فَأتى الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَابْن أبي عَتيق وَكَانَ صديقه وشكا مَا بِهِ
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْن أَنا أكفيك وَمَشى مَعَه إِلَى أبي لبنى فَلَمَّا بصر بِهِ أعظمه فَقَالَ قد جئْتُك خاطباً ابْنَتك لقيس بن ذريح فَقَالَ يَا ابْن رَسُول الله مَا كُنَّا لنعصي لَك أمرا وَمَا بِنَا عَن الْفَتى رَغْبَة وَلَكِن أحب الْأَمريْنِ إِلَيْنَا أَن يخطبها ذريح أَبوهُ فَإنَّا نَخَاف إِن لم يسغْ أَبوهُ هَذَا أَن يكون عاراً علينا وسبة
فَأتى الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ ذريحاً وَقَومه فأعظموه فَقَالَ أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا خطبت لبنى على قيس قَالَ السّمع وَالطَّاعَة لأمرك
وَخرج فِي وُجُوه قومه وخطبها لِابْنِهِ وزوجه إِيَّاهَا وزنت إِلَيْهِ وَأقَام مَعهَا مُدَّة لَا يُنكر أحد من صَاحبه شَيْئا
وَكَانَ أبر النَّاس بِأَبِيهِ فألهاه عكوفه على لبنى عَن بعض ذَلِك وَوجدت أمه فِي نَفسهَا وَقَالَت)
لبيه لقد خشيت أَن يَمُوت قيس وَلم يتْرك خلفا وَقد حرم الْوَلَد من هَذِه الْمَرْأَة وَأَنت ذُو مَال فَيصير مَالك إِلَى الْكَلَالَة فَزَوجهُ بغَيْرهَا لَعَلَّ الله يرزقه ولدا وألحت عَلَيْهِ
فأمهل قيسا حَتَّى اجْتمع قومه فَدَعَاهُ وَقَالَ يَا قيس إِنَّك اعتللت هَذِه الْعلَّة فَخفت عَلَيْك وَلَا ولد لي وساك وَهَذِه الْمَرْأَة لَيست بولود فَتزَوج غَيرهَا من بَنَات عمك لَعَلَّ الله يهب لَك ولدا تقر بِهِ أَعيننَا فَقَالَ قيس لَا أَتزوّج غَيرهَا أبدا قَالَ أَبوهُ إِن فِي مَالِي سَعَة فتسر بالإماء قَالَ وَلَا أسوءها بِشَيْء قَالَ أَبوهُ فأقسمت عَلَيْك إِلَّا طَلقتهَا قَالَ الْمَوْت عِنْدِي وَالله اسهل من ذَلِك وَلَكِنِّي أخيرك خصْلَة من ثَلَاث خِصَال قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ تزوج أَنْت لَعَلَّ الله يرزقك ولدا غَيْرِي قَالَ مَا فِي فضل لذَلِك قَالَ فَدَعْنِي ارحل عَنْك بأهلي واصنع مَا كنت صانع لَو مت فِي علتي هَذِه قَالَ وَلَا هَذِه قَالَ ادْع لبنى عنْدك وأرتحل عَنْك فلعلي اسلوها فَإِن مَا أحب أَن نَفسِي طيبَة أَنَّهَا فِي خيالي قَالَ لَا أرْضى أَو نطلقها وَحلف أَن لَا يكنه سقف أبدا حَتَّى يُطلق لبنى
وَكَانَ يخرج فيقف فِي الشَّمْس فَيَجِيء قيس فيقف إِلَى جَانِبه ويظله بردائه وَيصلى هُوَ بَحر الشَّمْس حَتَّى يفِيء الْفَيْء فَيَنْصَرِف عَنهُ وَيدخل إِلَى لبنى فيعانقها ويبكي وتبكي مَعَه وَتقول يَا قيس لَا تُطِع أَبَاك تهْلك وتهلكني فَيَقُول مَا كنت لطيع فِيك أحدا أبدا
فَيُقَال إِنَّه مكث كَذَلِك سنة وَقيل بل أَرْبَعِينَ يوماًَ ثمَّ طَلقهَا
فَلَمَّا بَانَتْ بِطَلَاقِهَا وَفرغ من الْكَلَام لم يلبث أَن استطير عقله وَذهب بِهِ ولحقه مثل الْجُنُون وأسف وَجعل يبكي وينشج
وَبَلغهَا الْخَبَر فَأرْسلت إِلَى أَبِيهَا فَأقبل بهودج على نَاقَة وإبل تحمل أثاثها فَلَمَّا رأى قيس ذَلِك اقبل على جاريتها وَقَالَ وَيحك مَا دهاني فِيكُم قَالَت لَا تسلني وسل لبنى فَذهب إِلَى خبائها ليسلم عَلَيْهَا ويسألها فَمَنعه قَومهَا
وَأَقْبَلت عَلَيْهِ امْرَأَة من قومه فَقَالَت مَا لَك تسال كَأَنَّك جَاهِل أَو تتجاهل هَذِه لبنى ترحل اللَّيْلَة أَو