(كَأَنَّمَا الْخَال على خَدّه ... سَاعَة هجر فِي زمَان الْوِصَال)
وَقَالَ يودع حظاياه
(وَلما وقفنا للوداع غدية ... وَقد خَفَقت فِي ساحة الْقصر رايات)
(بكينا دَمًا حَتَّى كَأَن عيوننا ... بجري الدُّمُوع الْحمر مِنْهَا جراحات)
)
وَقَالَت يَوْمًا إِحْدَى جواريه وَهُوَ فِي سجن أغمات لقد هُنَا هُنَا فأعجبه مِنْهَا ذَلِك وَقَالَ
(قَالَت لقد هُنَا هُنَا ... مولَايَ أَيْن جاهنا)
(قلت لَهَا إِلَى هُنَا ... صيرنا إِلَّا هُنَا)
كَانَ الْمُعْتَمد بن عباد من أكبر مُلُوك الطوايف وَأَكْثَرهم بلاداً وَيُؤَدِّي الضريبة للاذفونش فَلَمَّا ملك طليطلة لم يقبل الضريبة طَمَعا فِي أَخذ بِلَاده وَأرْسل إِلَيْهِ بتهدده ويأمره بالنزول عَن الْحُصُون الَّتِي مَعَه فَضرب الْمُعْتَمد الرَّسُول وَقتل من كَانَ مَعَه من الفرنج وَكَانَ الأذفونش مُتَوَجها لحصار قرطبة فَرجع إِلَى طليطلة فَكتب الْمُعْتَمد إِلَى ابْن تاشفين صَاحب مراكش يستنجده فَحَضَرَ إِلَى سبتة وَعبر بالعساكر إِلَى الجزيرة الخضراء وَعبر آخِرهم وهم عشرَة آلَاف فَارس وَاجْتمعَ بالمعتمد وتسامع بِهِ مُلُوك الأندلس فَجَاءُوا إِلَيْهِ من كل جَانب فَكتب الأذفونش إِلَى ابْن تاشفين كتابا يتهدده فِيهِ وَطوله فَكتب يُوسُف بن تاشفين الْجَواب فِي ظَهره الَّذِي يكون ستراه فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ ارتاع ثمَّ إِنَّه جَاءَ والتقى الجيشان فِي مَكَان يُقَال لَهُ الزلاقة من بِلَاد بطليوس وتصافاً وَنصر الله الْإِسْلَام وَثَبت الْمُعْتَمد فِي ذَلِك الْيَوْم وأصابه عدَّة جراحات فِي وَجهه وبدنه وغنم الْمُسلمُونَ بِلَاد الفرنج وسلاحهم وَرجع ابْن تاشفين إِلَى بِلَاده ثمَّ أَنه عَاد فِي الْعَام الثَّانِي وحاصر بعض الْحُصُون وَخرج إِلَيْهِ الْمُعْتَمد وَعَاد ابْن تاشفين إِلَى مراكش وَقد أعجبه حسن بِلَاد الأندبس وبهجتها وَمَا بهَا من المباني والبساتين والمياه والمطاعم وَغَيرهَا مِمَّا لَا يُوجد بِبِلَاد مراكش وَلم يزل خواصه يغرونه على الْمُعْتَمد ويوحشون مَا بَينهمَا بِمَا ينقلونه عِنْد ليَأْخُذ هَلُمَّ بِلَاد الأندلس فَتغير عَلَيْهِ وقصده فَلَمَّا انْتهى إِلَى سبتة جهز إِلَيْهِ العساكر فحاصروه بإشبيلية حصاراً شَدِيدا وَقَاتلهمْ الْمُعْتَمد قتالاً عَظِيما فاستولى على النَّاس بِالْبَلَدِ الْجزع فَهَرَبُوا مها وألقوا نُفُوسهم فِي لنهر من شرفات السُّور ثمَّ إِن العسك هجم الْبَلَد وقبضوا على الْمُتَعَمد وَأَهله وقيدوه من وقته وَجعل مَعَ أَهله فِي مركب وحملوا إِلَى الْأَمِير يُوسُف بن تاشفين فَأرْسلهُ إِلَى حصن اغمات واعتقله بهَا إِلَى أَن مَاتَ وَمن الْغَرِيب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute