أَنه نُودي على جنَازَته الصَّلَاة على الْغَرِيب وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة يُوسُف بن تاشفين طرف جيد من سَبَب محاصرة بن عباد وَكَيف تغير عَلَيْهِ ابْن تاشفين فليطلب هُنَاكَ فَإِنَّهُ أبسط من هَذَا وَمَا جرى على أحد من الْمُلُوك مَا جرى عَلَيْهِ وعَلى أَوْلَاده لِأَنَّهُ بَنَاته صرن يغزلن للنَّاس بالكرى وَبَعض أَوْلَاد أَوْلَاده وَهُوَ فَخر الدولة يعْمل أَجِيرا فِي دكان صايغ حَتَّى قَالَ أَبُو)
بكر ابْن اللبانة الداني فِي ذَلِك من جملَة قصيدة
(وَعَاد كونك فِي دكان قَارِعَة ... من بعد مَا كنت فِي قصر حكى إرما)
(صرفت فِي آلَة الصياغ أُنْمُلَة ... لم تدر إِلَّا الندى وَالسيف والقلما)
(يَد عهدتك للتقبيل تبسطها ... فأسقل الثريا أَن تكون فَمَا)
(يَا صايغاً كَانَت الْعليا تصاغ لَهُ ... حليا وَكَانَ عَلَيْهِ الْحلِيّ منتظما)
(للنفخ فِي الصُّور هول مَا حَكَاهُ سوى ... هول رَأَيْتُك فِيهِ تنفخ الفحما)
(وددت إِذْ نظرت عَيْني إِلَيْك بِهِ ... لَو أَن عَيْني تَشْكُو قبل ذَاك عمى)
(لح فِي العلى كوكباً إِن لم تلح قمراً ... وقم بهاربوة إِن لم تقم علما)
(وَالله لَو أنصفتك الشهب لَا نكسفت ... وَلَو وَفِي ذَلِك دمع الْغَيْث لانسجما)
وَتُوفِّي الْمُعْتَمد بسجن اغمات وَهِي خلف مراكش وَبَينهَا وَبَين الظُّلُمَات ثلث لَيَال سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية وَمن شعر الْمُعْتَمد وَهُوَ فِي سجن أغمات وَعَسَى اللَّيَالِي أَن تمن بنظمنا عقدا كَمَا كُنَّا عَلَيْهِ وأجملا
(ولربما نثر الجمان تعمداً ... ليعود أحسن فِي النظام وأكملا)
وَمن شعره وَقد تألم يَوْمًا من الْقَيْد وضيقه
(تبدلت من ظلّ عز البنود ... بذل الْحَدِيد وَثقل الْقُيُود)
(وَكَانَ حديدي سِنَانًا زليقاً ... وعضباً رَقِيقا صقيل الْحَدِيد)
(وَقد صَار ذَاك وَذَا أدهماً ... يعَض بساقي عض الْأسود)
وَدخل عَلَيْهِ بناتهن فِي يَوْم عيد وَقد غزلت إِحْدَاهُنَّ غزلاً بِالْأُجْرَةِ لصَاحب الشّركَة الَّذِي كَانَ فِي خدمَة أَبِيهَا لما كَانَ فِي سُلْطَانه فرآهن فِي أطمارهن الرثة وحالهن السَّيئَة فَقَالَ
(فِيمَا مضى كنت بالأعياد مَسْرُورا ... فساءك الْعِيد فِي أغمات مأسورا)
(ترى بناتك فِي الأطمار جايعة ... يغزلن للنَّاس مَا يملكن قطميرا)
(يطأن فِي الطين والأقدام حافية ... كَأَنَّهَا لم تطَأ مسكاً وكافورا)