أوقافاً كَثِيرَة وَعمل فِيهِ وظائف من الحَدِيث وَالتَّفْسِير والطب وَغَيره
وَحكى لي عَنهُ الشَّيْخ عَلَاء الدّين ابْن غَانِم رَحمَه الله مَكَارِم كَثِيرَة ولطفاً زايداً وإحساناً جماً ومودة يرعاها لمن يعرفهُ وَكَذَلِكَ حكى لي عَنهُ الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سدي النَّاس لما دخل عَلَيْهِ لم يَدعه يبوس الأَرْض ووقال أهل الْعلم ينزهون عَن هَذَا
وَأَجْلسهُ عِنْده أَظُنهُ على المقعد ورتبه موقعاً فباشر ذَلِك أَيَّامًا ثمَّ استعفى فأعفاه وَجعل الْمَعْلُوم لَهُ راتباً فتناوله إِلَى أَن مَاتَ
وَكَانَ القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود يَوْمًا بَين يَدَيْهِ يكْتب فَوَقع يء من الحبر على ثِيَابه فَأعلمهُ السُّلْطَان بذلك قَالَ لي فنظمت فِي الْحَال بَين يَدَيْهِ
(ثِيَاب مملوكك يَا سَيِّدي ... قد بيضت خَالِي بتسويدها)
(مَا وَقع الحبر عَلَيْهَا بلَى ... وَقع لي مِنْك بتجديدها)
قَالَ فَأمر لي بتفصيلتين ومبلغ خَمْسمِائَة دِرْهَم فَقلت يَا خوند مماليكك الْجَمَاعَة رفاقي يبْقى ذَلِك فِي قلبهم فَأمر لكل مِنْهُم بِمثل ذَلِك ثمَّ صَارَت راتباً لنا فِي كل سنة عَلَيْهِ
وأنشدني إجَازَة قصيدة بهَا وَهِي
(أطاعك الدَّهْر فَأمر فَهُوَ ممتثل ... واحكم فَأَنت الَّذِي تزهى بِهِ الدول)
)
(واشرف فَلَو ملكت شمس النَّهَار علا ... ملتها لم يزدْ فِي سعدها الْحمل)
(وانهض بعزمك فَهُوَ الْجَيْش يقدمهُ ... من بأسك المنذران الرعب والوجل)
(وسر بِهِ وَحده لَا بالجيوش وَإِن ... لم يحوها الأرحبان السهل والجبل)
(تلقى الْفتُوح وَقد جاءتك وافدةً ... يحثها المزعجان الشوق والأمل)
(قد أرهف الْملك الْمَنْصُور مِنْك على ... جَيش الأعادي حسماً حَده الْأَجَل)
(تهوى أسنته بيض النحور فَمن ... آثارها الْحمر فِي أجيادها قبل)
(تدمى سطاه وتندى كَفه كرماً ... كالغيث يهمي وَفِيه الْبَرْق يشتعل)
(سل يَوْم حمص جيوش الْمغل عَنهُ وَقد ... ضَاقَ الفضاء بهم واستدت السبل)
(والهام تسْجد والأجسام راكعةً ... وَالْمَوْت يقبل والأرواح ترتحل)
(وَالْبيض تغمد فِي الْأَبْطَال عَارِية ... وتنثني وَعَلَيْهَا مِنْهُم حلل)
(وَالْخَيْل تحفى وتخفى فِي العجاج فَإِن ... بَدَت غَدَتْ وهيب الهامات تنتعل)
(يُخْبِرك جمعهم وَالْفضل مَا شهِدت ... بِهِ العدى أَنه لَيْث الشرى البطل)