غُليُلم يُقَال إِن من جملَة مَا أعطَاهُ مركبا مَملوءاً جُبناً وَلما قدم إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة خرج النَّاس للسلام عَلَيْهِ فَلَمَّا نزل من الْمركب رَآهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي الصَّلاح فشهق لَهُ وَقَالَ
(أطلَّ هِلَال الْفَاسِقين فَلَا أَهلا ... فَلَا مَرحباً بالقادمين وَلَا سهلا)
وَلابْن قلاقيس نثرٌ جيدٌ وَهُوَ من الشُّعَرَاء المجيدين ولعلّه لَو عمِّر لَكَانَ شعره ازْدَادَ جُودةً وَمن شعر ابْن قلاقس
(لَا تثنِ جيدَكَ إنَّ الروضَ قد جيدا ... مَا عَطَّلَ القطرُ من نُوَارِه جِيدا)
(إِذا تبسَّم ثغرُ المُزن عَن يقَقٍ ... فانظرهُ فِي وَجَناتِ الْورْد توريدا)
(وَإِن تَنَثَّرَ ذُرٌّ مِنْهُ فاجتَلهِ ... بمبسم الأقحوان الغَضِّ مَنضودا)
(واستنطقِ العُودَ أَو فاسمع غرائِبهُ ... من ساجعٍ لَحنُهُ يسترقص العُودا)
(يشدو وينظرُ أعطافاً منمَّقةً ... كَأَنَّهُ آخِذٌ عَنْهَا الأغارِيدا)
(مَاذَا على العِيس لَو عَادَتْ بربتها ... مقدارَ مَا تتقاضاها المواعيدا)
(رُدَّ الركابَ لأمرٍ عَنَّ ثَانِيَة ... وسَمِّهِ فِي بديع الحُبّ ترديدا)
(وقِف أبثُّك مَا لَان الْحَدِيد لَهُ ... فَإِن صدقت فَقل هَل صرت دوادا)
(حُلَّت عُرى النّوم عَن أجفان ساهرةٍ ... ردّ الْهوى هُدبها بِالنَّجْمِ معقودا)
(تَفَجَّرَتْ وعصا الجوزاءِ تَضرِبُها ... فذكَّرتنيَ مُوسى والجلاميدا)
(يَا ثعلبَ الْفجْر لَا سِرحانَ أولهُ ... خُذِ الثُّريا فقد صادفتَ ُنقودا)
وَقَالَ
(سُفحت عيونُ الغَيم أدمُع قَطرِه ... فالروضُ يضحكُ عَن مباسم زهرِهِ)
(وسَرى النسيمُ بقهوةٍ حيَّى بهَا ... دَوحاً لَوَت عطفيهِ رَاحَة سكره)
(وسرى بمؤتنق الحدائق قانصاً ... فأثار طامِسَ عرفهَا عَن ذكره)
)
(وانشقَّ جَيبُ الأُفق عَن متألقٍ ... ينجابُ تقطيب الظلام بتبره)
(وَكَأَنَّهُ ظَنّ النُّجُوم كواعباً ... فَرمى لَهَا بملاءة من فجره)
(وَكَأن ذَا الرعثاتِ ينشد إثْرهَا ... شجوا أثارا البَينُ سالِفَ ذكره)
(ودعا بحيَّ على الصَّبوح مُؤمَّرٌ ... حَتمٌ على الظرفاء طاعةُ أمره)
(تزهي فضول التَّاج مَفرق رَأسه ... ويهُزّ رقم الْوَجْه مُرهف خَصره)
(غنَّى فهزّ قَوام قسيس الدُجا ... طَربا فشقَّ صدارَها عَن صَدره)