(إنّي لأكرَهُ فِي الْأَنَام ثَلَاثَة ... مَا إِن لَهَا فِي عَدّها مِن زائدِ)
(قُربَ الْبَخِيل وجاهلاً متعاقلاً ... لَا يستحي وتودُّداً من حَاسِد)
(وَمن البليَّة والرَزِية أَن تَرَى ... هذي الثلاثةَ جُمِعَت فِي وَاحِد)
وَكتب النصير إِلَى السِراج الْوراق من أَبْيَات
(كنتُ مثل الغَزال وَالله يَكْفِي ... صِرتُ فِي وَجهه إِذا جئتُ كلبَا)
(ولعَمري لَا ذَنبَ لي غير أَنِّي ... تُبتُ لله ظَنّ ذَلِك ذَنبا)
(وَهُوَ لَو جاءَني وَقد تُبتُ حَتَّى ... يَبْتَغِي حَاجَة فلَن أتأبَّى)
فَكتب الْوراق الْجَواب وَمِنْه
(وأتى الطَّبيُ مُرسلاً مِنْك فاستغ ... ربتُ لمّا دَعوتَ نَفسَك كَلْبا)
(ولَكَم جئتَ عادياً خلفَهُ تلهثُ ... عَدواً للصَّيْد بُعداً وقُربا)
(غير أَنِّي نظرتُ عينَ صَفيِّ الدّين ... كَادَت أَن تشرب الظبيَ شُربا)
(فاترِك التَّوْبَة الَّتِي قد رَآهَا ... لَك وِزراً كَمَا زَعمتَ وذَنبا)
(واجتهد فِي رِضَاهُ عَنْك وقَرِّب ... كلَّ نَأي المدَى تَنَل مِنْهُ قُربا)
(فلَكَم رُضتَ جامحاً فِي تراضيه ... وذلَّلتَ بالسَفارة صَعبا)
وَكتب إِلَى السراج أَيْضا مُلغِزاً فِي نون
(مَا اسمٌ ثلاثيٌ يُرى وَاحِدًا ... وَقد يُعّدُّ اثْنَيْنِ مكتوبُه)
(يظهَر لي من بَعضه كُله ... إِذْ كل حَرفٍ مِنْهُ مقلوبُه)
(أضِف ثَمَانِينَ إِلَى ستةٍ ... إِن شئتَ لَا يَعدوك محسوبُه)
(اطلبُهُ فِي البرِّ وَفِي البَحر ... لَا فَاتَ حِجَى مولايَ مطلوبُه)
فَكتب الْجَواب الْوراق
(يَا سالبَ الألبابِ من سحره ... بمُعجزٍ أعجزَ أُسلوبُه)
(ألغزتَ اسمٍ وَهُوَ حرفٌ وَقد ... يَخفى علينا مِنْك محجوبُه)
(وَهُوَ اسمُ أُنثى مُرضِعٍ طِفلُها ... غيرُ لِبانِ النَّاس مشروبُه)
)
(مطَّرِدٌ منعكِسٌ شكلُه ... سِيانَ فِي الْعين ومقلوبُه)
فَقلت قَول النصير أَضِف ثَمَانِينَ إِلَى سِتَّة وَهمٌ مِنْهُ لِأَن النونينِ بِمِائَة وَالْوَاو بِسِتَّة فَيكون مائَة وَسِتَّة