للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكتب النصير أَيْضا إِلَى الْوراق ملغزا فِي سَيلٍ

(أيا من لَهُ ذِهنٌ لَدَى الْفِكر لَا يخبو ... وَمن لم يزل يحنو وَمن لم يزل يحبو)

(قصدتُ سِراجَ الدّين فِي ليلِ فكرة ... يكَاد جوادُ العقلِ فِي سُبُلِها يكبو)

(أَرْشدنِي شَيْئا بِهِ يُدرك المُنى ... لَهُ قلبُ صبٍّ كم فؤادٍ بِهِ صَب)

(إِذا رِكبَ البيداءَ يُخشى ويُتقَّى ... وَلم يَثنِه طَعنٌ وَلم يَثنِه ضَرب)

(بقلبٍ يهُدُّ الصخر يومَ لقائِه ... وَمن أعجبِ الْأَشْيَاء لَيْسَ لَهُ قلب)

فَأجَاب السراج عَن ذَلِك

(أَرَاك نصيرَ الدّين عذبتَ خاطري ... وَقد راق لي من لُغزِك المنهلُ العذبُ)

(وأثبتَّ قلباً مِنْهُ ثمَّ نَفَيتَه ... وأعرفه صَباً وهام لَهُ قلب)

(وأعرِفُ مِنْهُ أعيُناً لَا يَحُفّها ... جُفونٌ كعاداتِ الجفون وَلَا هُدب)

(وَمن وَصفه صبٌّ كَمَا أنتَ واصفٌ ... صَدَقتَ ولولاه لما عُرِف الحُب)

(فدُونَك مَا ألغزتَه لي مُبَيِّناً ... وَذَلِكَ مَا يَحْتَاجهُ العُجمُ والعُرب)

وَكتب النصير إِلَى الْوراق أَيْضا

(أَتَى فَصلُ الخريف عليَّ جِداً ... بأمراضٍ لَواعِجُها شِدادُ)

(وأعذِرُ عائدي إِن لم يعُدني ... ورُبَّ مريضِ قومٍ لَا يُعاد)

فَأجَاب الْوراق عَن ذَلِك

(خلائقك الربيعُ فَلَيْسَ تَخشَى ... خَرِيفًا فِي الجسوم لَهُ اعتِيادُ)

(وَلَا وَالله لم أعلَمكَ إلَاّ ... صَحِيحا والصحيحُ فَمَا يُعَاد)

وَكتب النصير إِلَى الْوراق أَيْضا

(أَيهَا المحسنُ الَّذِي وَهَبَ اللّ ... هُـ تَعَالَى الحُسنَى لَهُ وزِيادَه)

(ضَاعَ مَا كَانَ من وُصولات وَصلي ... فتصدّق بكتبها لي مُعادَه)

(ايْنَ تِلْكَ الطروسُ نظماً ونَثراً ... مِنْك تَأتي على سَبِيل الإفادهْ)

)

(كل طِرس يُجلى عَروساً بِدُر ال ... قولِ كَم مِن عِقدٍ وَكم من قِلادَه)

(كَانَ عَيشي إِذا أَتَانِي رسولٌ ... مِنْك يُحيي خِلاًّ أمتَّ وِدادَه)

(شهِد اللهُ لَيْسَ لي غيرُ ذِكرا ... ك وَإِلَّا خرِستُ عِنْد الشهادَه)

فَكتب الْوراق الْجَواب

(لم يغِب عَن سوادِ عَيْني حبيبٌ ... حَلَّ من قلبِي المشوقِ سوادَه)

<<  <  ج: ص:  >  >>