(يمد لِسَانا يختشي الرُمحُ بأسَه ... ويَسخَرُ يومَ الضَّرْب بالصارِمِ الذّكر)
(يَمُوت إِذا مَا قمتَ تسقيه قَاصِدا ... وأعجبُ مِن ذَا أَن ذَاك من الشَجَر)
(أيا سامعَ الأبياتِ دُونك شَرحُها ... وَإِلَّا فنَم عَنْهَا ونبِّه لَهَا عُمَر)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(أَرَاك نصيرَ الدّين ألغزتَ فِي الَّذِي ... يُعيد لمسكِ الليلِ كافورةَ السَحَر)
(رأى معشَرٌ أَن يَعشَقوها دِيانَةً ... وتاللهِ لَا تُبقي عَلَيْهِم وَلَا تَذَر)
(وكلٌ على قلبٍ لَهُم ران اسمُها ... فمسكَنُهم مِنْهَا ومأواهم سَقَر)
(وَقد وصفوا الحسناءَ فِي بَهجةٍ بهَا ... كَمَا وصفوا الحسناءَ بالشمس والقمرَ)
(وَلَو لم تكن مَا طَابَ خُبزٌ لآكلٍ ... وَلَا لَذَّ ماءٌ فِي حماكَ لمن عَبَر)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق ملغزاً فِي ديكٍ
(أيا من لدَيهِ غامضُ الشّعْر يُكشَفُ ... ومَن بدرهُ بَادِي السَّنا لَيْسَ يُكسَفُ)
(عساك هُدّىً لي إِنَّنِي الْيَوْم ذاهلٌ ... عَن الرُشد فِيمَا قد أرى متوقِّف)
(أرى اسْما لَهُ فِي الخافقَين ترفُّعٌ ... أَخا يَقظَةٍ ذِكراً وَلَا يتعفَّف)
(رأيتُ بِهِ الأشياءَ تبدو وضِدُّها ... فكاد لهَذَا الْأَمر لَا يتكيَّف)
(فعرَّفه ذُو السّمع وَهُوَ منكَّرٌ ... ونَكّره ذُو اللُّبِّ وَهُوَ معرَّف)
(فجاوِب لأحظى بالجوابِ فَإِنَّهُ ... إِذا جاوبَ الْمولى العبيدَ يشرِّف)
فَكتب الْوراق الْجَواب عَن ذَلِك
(إِلَيْك نصير الدينِ مني إجابةٌ ... بهَا أُوضحُ الْمَعْنى الخفيَّ وأكشِفُ)
)
(رَأَيْتُك قد ألغزتَ لي فِي متوَّجٍ ... بِتِذكاره أَسماعُنا تتشنف)
(يُنَبِّهُ قوما للصلاةِ ومعشرٌ ... عِبادتُهم أسٌّ وكأسٌ وقَرقَف)
(لَهُ كَرَمٌ قد سَار عَنهُ وغَيرةٌ ... وعُرفٌ بِهِ من غيرِهِ ظلَّ يُعرَف)
(حَظِيٌّ ترَاهُ وادعاً فِي ضرائرِ ... يزيِنَه تاجٌ وبُردٌ مفوَّف)
(وَفِي قلبه كيد ولكنَّ صدرَه ... غَدا ضيِّقاً مثلي بذلك يُوصَف)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق ملغزاً فِي نَعامةٍ
(ومُفردٍ جمعا يُرى ... بحذفِ بَعضِ الأحرُف)
(اسمٌ نَعى أكثرُه ... فَقَالَ باقِيه اكفُف)
(ترَاهُ يعدو مُسرعاً ... فِي بُرده المفوف)