للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(وهب لي حنيساً واحتسِب فِيهِ منّةً ... لعبَرِة أمٍّ لَا يسوغُ شرابُها)

(أَتَتْنِي فعاذَت يَا تميمُ بغالبٍ ... وبالحفرةِ السافي عَلَيْهَا تُرابُها)

(وقَد عَلِم الأقوامُ أنكَ ماجدٌ ... وليثٌ إِذا مَا الحربُ شبَّ شِهابها)

فَلَمَّا ورد الْكتاب على تَمِيم شكَّ فِي الِاسْم فَلم يعرف أحُنَيس أم حُبَيش ثمَّ قَالَ انْظُرُوا من لَهُ مثل هَذَا الِاسْم فأُصِيبَ ستةٌ مَا بَين حُنَيس وخبيش فوجّه بهم إِلَيْهِ قَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى وَقد اخْتلف أهل الْمعرفَة بالشعر فِي الفرزدق وَجَرِير والمفاضلة بَينهمَا وَالْأَكْثَرُونَ على أَن جَرِيرًا أشعرُ مِنْهُ قلتُ أَنا مَا مَن يُهاجي الفرزدق وَأَبوهُ وجدّهُ كَمَا تقدم ذكرهُما فِي الْفَخر والسُّؤدَد وَيكون جرير وَأَبوهُ على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة جرير من الخِسَّة والنَّذالة إِلَّا وَجَرِير أشعر بِلَا شكّ لمقاومته لمثل الفرزدق ومهاجاته ومفاخرته على أنّه قد قيل للمفضّل الضبيّ الفرزدق أشعر أم جرير فَقَالَ الفرزدق قيل لَهُ ولِمَ قَالَ لِأَنَّهُ)

قَالَ بَيْتا هجا بِهِ قبيلتين ومدح قبيلتين وَأحسن فِي ذَلِك فَقَالَ

(عجبتُ لِعجلٍ إِذْ تُهاجي عَبِيدَها ... كَمَا آلُ يربُوع هَجَوا آلَ دارِم)

فَقيل لَهُ فقد قَالَ جريرٌ

(إِن الفرزدقَ والبَعِيثَ وأُمَّه ... وَأَبا البعيثِ لشَرُّ مَا إستارِ)

فَقَالَ وأيُّ شَيْء أهوَن من أَن يَقُول إنسانٌ فلَان وَفُلَان وَالنَّاس كلّهم بَنو الفاعلة ومِن فَخر الفرزدق قَوْله

(لَو أَن جميعَ النَّاس كَانُوا بِرَبوة ... وجِئتُ بجدّي دارمٍ وابنِ دارمِ)

(لظلَّت رقابُ النَّاس خاضعةً لنا ... سُجواً على أقدامنا بالجماجمِ)

قلت وأزِيدُك أُخرى وَهِي أنّ الفرزدق تفرّغ لِهجاءِ جرير وحدَه وَلم يهجُ غيرَه وَأما جرير فقد هاجى ثَمَانِينَ شاعِراً وَقد أنصف أَبُو الْفرج الإصبهاني حَيْثُ قَالَ فِي كَلَام طويلٍ آخِره أمّا من كَانَ يَميل إِلَى جزالة الشّعْر وفخامته وشدّة أسره فيقدِّمُ جَرِيرًا وَقَالَ يُونُس بن حبيب مَا شهِدت مشهداً قطُّ ذكر فِيهِ جرير والفرزدق فَاجْتمع أهل الْمجْلس على أَحدهمَا وَقَالَ أَيْضا لَوْلَا شعر الفرزدق لذهب ثُلث لغةِ الْعَرَب وَكَانَ جرير قد هجا الفرزدق بقصيدةٍ مِنْهَا

(وكنتَ إِذا نزلتَ بدارِ قومٍ ... رحَلتَ بخزيَةٍ وتركتَ عارا)

وَاتفقَ بعد ذَلِك أَن الفرزدق نزل بِامْرَأَة من أهل الْمَدِينَة وَجرى لَهُ مَعهَا قَضِيَّة يطول شرحها خُلَاصَة الْأَمر أَنه راودها عَن نَفسهَا بعد أَن كَانَت أضافته وأحسنَت إِلَيْهِ مِمَّا متنعت عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>