للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْفضل الْحسن بن وهب الْكَاتِب ثمَّ إِن البحتري ندِم على بَيعه وتتبَّعتَه نَفسه وَكَانَ يعْمل فِيهِ الشّعْر وَقيل إِنَّه خُدِعَ فِي بَيْعه وَلم يَبِعْهُ بِاخْتِيَارِهِ فَمن قَوْله فِيهِ

(أنسيمُ هَل للدهر وعدٌ صادقٌ ... فِيمَا يؤمِّله المحبّ الصادقُ)

(مَالِي فقدتك فِي الْمَنَام وَلم تزل ... عونَ المشوق إِذا جفاه الشائق)

(أمنِعتَ أَنْت من الزِّيَارَة مُشفِقاً ... مِنْهُم فَهَل مُنِعَ الخيالُ الطارق)

(اليومَ جَازَ بيَ الْهوى مقدارَه ... فِي أَهله وعلِمتُ أَنِّي عاشق)

(فليهنىء الحسنَ بنَ وَهبٍ أَنه ... يلقى أحبَّتَه وَنحن نفارقُ)

)

وَله فِيهِ أشعارٌ كَثِيرَة مَشْهُورَة وَلذَلِك قلتُ وَأَنا فِي رمل مصر وَقد زَاد الحّرَّ وَلم تهُبّ نسمةُ هواءٍ

(وَيَوْم زَاد فِيهِ الحَرُّ حَتَّى ... هلكتُ بِهِ من الكرب العظيمِ)

(فَلَو أبصرتَني وَأَنا فريدٌ ... وَمَالِي صاحبٌ إِلَّا حميمي)

(كأنّي البحتريّ عَنَّا ووجداً ... أسائلُ من أرَاهُ عَن نسيم)

وَقَالَ صَاحب الأغاني كَانَ نسيم غُلَاما روميّاً لَيْسَ بِحسن الوَجه وَكَانَ البحتري قد جعله بَابا من أَبْوَاب الحِيَل على النَّاس وَكَانَ يَبِيعهُ وَيعْمل أَن يُصيّره إِلَى بعض أهل الْمُرُوءَة ومَن بَنفق عِنْده الْأَدَب فَإِذا حصل فِي مِلكه شَبَّبَ بِهِ وتشوَّقه ومدح مَوْلَاهُ حَتَّى يهِبه لَهُ وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَاتَ نسيم اشْترى مَمْلُوكا غَيره وأقامه مقَام نسيم وَالله أعلم وَكَانَ بحلب شخص يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن طَاهِر الْهَاشِمِي مَاتَ أَبوهُ وَخلف لَهُ مِقْدَار مائَة ألف دِينَار فأنفقها على الشُّعَرَاء والزُّوّار وَفِي سَبِيل الله تَعَالَى فقصده البحتري من العِراق فَلَمَّا وصل إِلَى حلب قيل لَهُ إِنَّه قَعَد فِي بَيته من دُيونٍ ركبته فاغتمَّ لذَلِك غَمّاً شَدِيدا وَبعث المدحةَ إِلَيْهِ مَعَ بعض موَالِيه فَلَمَّا وصلته ووقف عَلَيْهَا بَكَى ودعا بغلامٍ لَهُ وَقَالَ لَهُ بِعْ دَاري فَقَالَ تبيع دَارك وَتبقى على رُؤُوس النَّاس فَقَالَ لَا بدّ من بيعهَا فأباعها بثلاثمائة دِينَار وَأخذ صرّة وأودعها مائَة دينارٍ وأنفذها إِلَى البحتري وَكتب مَعهَا

(لَو يكون الحباء حَسبَ الَّذِي أَن ... تَ لَدَينا بِهِ محلٌّ وأهلُ)

(لَحُبِيتَ اللُجينَ والدُّرَّ واليا ... قُوتَ حَبواً وَكَانَ يَقِلّ)

(والأديبُ الأريبُ يسمَحُ بالعُذ ... ر إِذا قصّر الصّديق الْمقل)

فَلَمَّا وصلت الرقعة إِلَى البحتري ردَّ الدَّنَانِير وَكتب إِلَيْهِ

(بِأبي أنتَ وَالله للبرِّ أهلُ ... والمساعي بعدٌ وسَعيُك قبل)

<<  <  ج: ص:  >  >>