(مددت يَديك نحوهم احتفاء ... كمدكها إِلَيْهِم بالهبات)
(وَلما ضَاقَ بطن الأَرْض عَن أَن ... يضم علاك من بعد الْمَمَات)
(أصاروا الجو قبرك واستنابوا ... عَن الأكفان ثوب السافيات)
(لعظمك فِي النُّفُوس تبيت ترعى ... بحفاظ وحراس ثِقَات)
(وتشعل عنْدك النيرَان لَيْلًا ... كَذَلِك كنت أَيَّام الْحَيَاة)
(ركبت مَطِيَّة من قبل زيد ... علاها فِي السنين الماضيات)
(وَلم أر قبل جذعك قطّ جذعاً ... تمكن من عنَاق المكرمات)
(أَسَأْت إِلَى النوائب فاستثارت ... فَأَنت قَتِيل ثار النائبات)
(وَكنت تجير من صرف اللَّيَالِي ... فَعَاد مطالباً لَك بالترات)
(وصير دهرك الْإِحْسَان فِيهِ ... إِلَيْنَا من عَظِيم السَّيِّئَات)
(وَكنت لمعشر سَعْدا فَلَمَّا ... مضيت تفَرقُوا بالمنحسات)
(غليل بَاطِن لَك فِي فُؤَادِي ... يُخَفف بالدموع الْجَارِيَات)
(وَلَو أَنِّي قدرت على قيام ... بفرضك والحقوق الْوَاجِبَات)
(مَلَأت الأَرْض من نظم القوافي ... ونحت بهَا خلاف النائحات وَمَالك تربة فَأَقُول تسقى ... لِأَنَّك نصب هطل الهاطلات)
)
(عَلَيْك تَحِيَّة الرَّحْمَن تترايا ... برحمات غواد رائحات)
وكتبها الشَّاعِر الْمَذْكُور وَرمى بهَا نسخا فِي شوارع بَغْدَاد فتداولها الأدباء إِلَى أَن وصل خَبَرهَا إِلَى عضد الدولة وأنشدت بَين يَدَيْهِ فتمنى أَن يكون هُوَ المصلوب دونه وَقَالَ عَليّ بِهَذَا الرجل فَطلب سنة كَامِلَة واتصل الْخَبَر بالصاحب ابْن عباد فَكتب لَهُ إِلَى عضد الدولة بالأمان فَحَضَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الصاحب أنشدنيها فَلَمَّا بلغ الوافر
(وَلم أر قبل جذعك قطّ جذعاً ... تمكن من عنَاق المكرمات)
قَامَ إِلَيْهِ وَقبل فَاه وأنفذه إِلَى عضد الدولة فَقَالَ لَهُ مَا حملك على رثاء عدوي قَالَ حُقُوق وَجَبت وإياد سلفت فَجَاشَ الْحزن فِي قلبِي فرثيت وَكَانَ بَين يَدَيْهِ شموع تزهر فَقَالَ هَل يحضرك شَيْء فِي الشموع فَأَنْشد المتقارب