مائَة فاستعاد مَا أَخذ من الْبِلَاد ثمَّ عَاد إِلَى مراكش
وَفِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بلغه أَن الفرنج ملكوا مَدِينَة شلب وَهِي فِي غرب جَزِيرَة الأندلس فتجهز إِلَيْهَا بِنَفسِهِ وحاصرها وَأَخذهَا وأنفذ فِي الْوَقْت جَيْشًا من الْمُوَحِّدين وَمَعَهُمْ جمَاعَة من الْعَرَب ففتحوا أَربع مدن من بِلَاد الفرنج كَانُوا قد أخذوها من الْمُسلمين قبل ذَلِك بِأَرْبَعِينَ سنة وخافه صَاحب طليطلة وَصَالَحَهُ خمس سِنِين وَعَاد إِلَى مراكش وَلما انْقَضتْ الْهُدْنَة وَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيل خرجت طَائِفَة من الفرنج فِي جَيش كثيف إِلَى بِلَاد الْمُسلمين فنهبوا وَسبوا وعاثوا عيثا فظيعا فَتوجه لقصدهم وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَجمع جيوشه من أَطْرَاف الْبِلَاد واحتفل احتفالا عَظِيما وَخرج إِلَى مَدِينَة سلا ليَكُون اجْتِمَاع العساكر بظاهرها فاتفق أَنه مرض مَرضا شَدِيدا إِلَى أَن يئس أطباؤه فتوقف الْحَال عَن تَدْبِير الجيوش فَحمل إِلَى مراكش وطمع المجاورن لَهُ من الْعَرَب وَغَيرهم وعاثوا فِي الْبِلَاد وأغاروا على النواحي وَكَذَلِكَ فعل الأذفونش فِيمَا يَلِيهِ من بِلَاد الأندلس وتفرق الجيوش شرقا وغربا وَزَاد طمع الأذفونش وَبعث رَسُولا إِلَى الْأَمِير يَعْقُوب يتهدده ويتوعده وَيطْلب بعض الْحُصُون المتاخمة لَهُ وَكتب إِلَيْهِ رِسَالَة من إنْشَاء وَزِير لَهُ يعرف بِابْن الفخار وَهِي
بِسم اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض وَصلى الله على السَّيِّد الْمَسِيح روح الله وكلمته الرَّسُول الفصيح أما بعد فَلَا يخفى على ذِي ذهن ثاقب وَلَا ذِي عقل لازب أَنَّك أَمِير الْملَّة الحنيفية كَمَا أَنِّي أَمِير الْملَّة النَّصْرَانِيَّة وَقد علمت مَا عَلَيْهِ رُؤَسَاء الأندلس من التخاذل والتواكل وإهمال الرّعية وإخلادهم إِلَى الرَّاحَة وَأَنا أسومهم بِحكم الْقَهْر وخلاء الديار وَسبي الذَّرَارِي وأمثل بِالرِّجَالِ وَلَا عذر لَك فِي التَّخَلُّف عَن نَصرهم إِلَّا إِذا أمكنتك يَد الْقُدْرَة وَأَنْتُم تَزْعُمُونَ أَن الله فرض عَلَيْكُم قتال عشرَة منا بِوَاحِد مِنْكُم ف {الْآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا} الْأَنْفَال ٨ / ٦٦ وَنحن الْآن نُقَاتِل عشرَة مِنْكُم بِوَاحِد منا لَا تَسْتَطِيعُونَ دفاعا وَلَا تَمْلِكُونَ امتناعا وَقد حُكيَ لي عَنْك أَنَّك أخذت فِي الاحتفال وأشرفت على ربوة الْقِتَال وَأَنت تماطل نَفسك عَاما بعد عَام وَتقدم رجلا وتؤخر أُخْرَى فَلَا أَدْرِي أَكَانَ الْجُبْن أَبْطَأَ بك أم التَّكْذِيب بِمَا وَعدك رَبك ثمَّ قيل لي إِنَّك لَا تَجِد إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute