ظهر لأبطال الملثمين فِي الحروب ضربات بِالسُّيُوفِ تقذ الْفَارِس وطعنات تنظم الكلى وَكَانَ لَهُ بذلك ناموس ورعب فراسل مُلُوك الأندلس بَعضهم بَعْضًا وفزعوا فِي ذَلِك إِلَى الْمُعْتَمد بن عباد لِأَنَّهُ أَشْجَع الْقَوْم وأكبرهم مملكة فَكتب عَنْهُم كتابا من أهل الأندلس وَهُوَ
أما بعد فَإنَّك إِن أَعرَضت عَنَّا نسبت إِلَى كرم وَلم تنْسب إِلَى عجز وَإِن أجبنا داعيك نسبنا إِلَى عقل وَلم ننسب إِلَى وَهن وَقد اخترنا لأنفسنا أجمل نسبتنا فاختر لنَفسك أكْرم نسبتك فَإنَّك بِالْمحل الَّذِي لَا يجب أَن تسبق فِيهِ إِلَى مكرمَة وَإِن فِي استبقائك ذَوي الْبيُوت من دوَام أَمرك وَثُبُوت ملكك وَالسَّلَام فَلَمَّا جَاءَهُ الْكتاب مَعَ تحف وهدايا وَكَانَ لَا يعرف بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ لكنه كَانَ يجيد فهم الْمَقَاصِد وَله كَاتب يعرف باللغة الْعَرَبيَّة والمرابطية فَقَالَ لَهُ أَيهَا الْأَمِير هَذَا الْكتاب من مُلُوك الأندلس يعظمونك فِيهِ ويعرفونك أَنهم أهل دعوتك وَتَحْت طَاعَتك ويلتمسون مِنْك أَنَّك لَا تجعلهم فِي منزلَة الأعادي فَإِنَّهُم مُسلمُونَ وَمن ذَوي الْبيُوت تُعِزَّهُمْ وتكفيهم من وَرَاءَهُمْ من الأعادي الْكفَّار وبلدهم ضيق لَا يحْتَمل العساكر فَأَعْرض عَنْهُم إِعْرَاض من أطاعك من أهل الْمغرب فَقَالَ ابْن تاشفين فَمَا ترى أَنْت فَقَالَ الْكَاتِب أَيهَا الْملك إِن تَاج الْملك وبهجته وَشَاهده الَّذِي لَا يرد بِأَنَّهُ خليق بِمَا حصل فِي يَده من الْملك أَن يعْفُو إِذا استعفي وَأَن يهب إِذا استوهب وَكلما وهب جزيلا كَانَ أعظم لقدره فَإِذا عظم قدره تأصل ملكه وَإِذا تأصل ملكه تشرف النَّاس بِطَاعَتِهِ وَإِذا كَانَت طَاعَته رفا جَاءَهُ النَّاس وَلم يتجشم الْمَشَقَّة إِلَيْهِم وَكَانَ وَارِث الْملك من غير إهلاكه لآخرته وَاعْلَم أَن بعض الْمُلُوك الأكابر والحكماء البصراء بطرِيق تَحْصِيل الْملك قَالَ من جاد سَاد وَمن سَاد قاد وَمن قاد ملك الْبِلَاد فَلَمَّا فهمه بلغته هَذَا الْكَلَام وَعلم أَنه صَحِيح قَالَ أجب الْقَوْم فَكتب
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من يُوسُف بن تاشفين سَلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته تَحِيَّة من سالمكم وَسلم إِلَيْكُم وَحكمه النَّصْر والتأييد فِيمَا حكم عَلَيْكُم فَإِن مَا بِأَيْدِيكُمْ من الْملك فِي أوسع باحة مخصوصون منا بأكرم إِيثَار وسماحة فاستديموا وفاءنا بوفائكم واستصلحوا إخاءنا بصلاح إخائكم وَالله ولي التَّوْفِيق لنا وَلكم وَالسَّلَام وقرأه عَلَيْهِ وفهمه ذَلِك بلغته فَاسْتَحْسَنَهُ وجهزه وَقرن بِهِ درقا لِمَطِيَّةٍ مِمَّا لم يكن إِلَّا فِي بِلَاده ولمطة بَلْدَة عِنْد السوس الْأَقْصَى بَينهَا وَبَين سجلماسة عشرُون يَوْمًا وَلما وصل ذَلِك إِلَيْهِم أحبوه وعظموه وفرحوا بِهِ وقويت نُفُوسهم على دفع الإفرنج ثمَّ إِن الأذفونش جاس خلال الأندلس واشتط على مُلُوكهمْ يطْلب الْبِلَاد مِنْهُم وخصوصا الْمُعْتَمد بن عباد فَلَمَّا رأى ابْن عباد طمع