هما وغما وَخلف بِنْتا تحصنت بطليطلة وَجعل الْأَمر إِلَيْهَا وَكسب عَسْكَر ابْن تاشفين مَا لَا يحد وَلَا يُوصف وَكَانَ ابْن تاشفين قد قدم عَلَيْهِم سير بن أبي بكر فَكتب إِ ليه أَنه قد افْتتح معاقل وثغورا وَفتح أَمَاكِن ورتب بهَا المستحفظين وَأَنه لَا يَسْتَقِيم لهَذِهِ الجيوش أَن تقيم بالثغور على ضنك من الْعَيْش تصابح الْعَدو وتماسيه فَكتب إِلَيْهِ بمحاربة مُلُوك الأندلس وَألا ينفس لأحد مِنْهُم ويلجئهم إِلَى الْوُصُول إِلَى العدوة وليبدأ مِنْهُم بمجاوري الثغور وَألا يتَعَرَّض للمعتمد بن عباد مَا لم يستول على الْبِلَاد فابتدأ سير بن أبي بكر بملوك بني هود وتسلم حصن روطه ثمَّ نَازل بني طَاهِر بشرق الأندلس فَسَلمُوا إِلَيْهِ وَلَحِقُوا بالعدوة ثمَّ نَازل بني صمادح بالمرية فَلَمَّا علم المعتصم بن صمادح أَنه مغلوب دخل قصره وأدركه أَسف فَمَاتَ من ليلته وتسلم الْمَدِينَة ثمَّ نَازل المتَوَكل عمر بن الْأَفْطَس وَكَانَ رجلا عَظِيما فَاضلا فخامر عَلَيْهِ أَصْحَابه وقبضوا عَلَيْهِ وعَلى ولديه فَقتلُوا صبرا وَحمل أَوْلَاده الأصاغر إِلَى مراكش وَسَائِر مُلُوك الجزيرة سلمُوا وتحولوا إِلَى بر العدوة إِلَّا مَا كَانَ من الْمُعْتَمد بن عباد فَإِن سير بن أبي بكر لما فرغ من مُلُوك الأندلس كتب إِلَى ابْن تاشفين أَنه لم يبْق من مُلُوك الجزيرة غير ابْن عباد فارسم فِي أمره مَا ترَاهُ فَأمر بِقَصْدِهِ وَأَن يعرض عَلَيْهِ التَّحَوُّل إِلَى بر العودة بأَهْله وَمَاله فَإِن فعل فبها ونعمت وَإِن أَبى فنازله فَعرض ذَلِك عَلَيْهِ فَأبى وحاصره أشهرا ثمَّ دخل عَلَيْهِ الْبَلَد قهرا وَحمله مُقَيّدا إِلَى أغمات كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته وَلم يعتقل من مُلُوك الأندلس غَيره وَقيل فِي سَبَب تغير ابْن تاشفين على مُلُوك الجزيرة وَابْن عباد غير هَذَا واستحوذ ابْن تاشفين على ملك الجزيرة وَمَات يَوْم الِاثْنَيْنِ لثلاث خلون من الْمحرم سنة خمس مائَة وعاش تسعين سنة ملك مِنْهَا مُدَّة خمسين سنة وَأوصى بِالْملكِ من بعده لوَلَده أبي الْحسن عَليّ بن يُوسُف وَقد تقدم ذكره فِي مَوْضِعه من حرف الْعين وَتقدم ذكر وَلَده إِسْحَاق بن عَليّ وَذكر وَلَده تاشفين بن عَليّ فِي مكانيهما وانْتهى ملك بني تاشفين
وَكَانَ يُوسُف معتدل الْقَامَة أسمر اللَّوْن نحيف الْجِسْم خَفِيف العارضين دَقِيق الصَّوْت حسن السِّيرَة خيرا عادلا يمِيل إِلَى أهل الْعلم ويكرمهم ويحكمهم فِي بِلَاده ويصدر عَن آرائهم وَكَانَ يحب الْعَفو والصفح عَن الذُّنُوب الْكِبَار قيل إِن ثَلَاثَة نفر اجْتَمعُوا فتمنى أحدهم ألف دِينَار يتجر فِيهَا وَتمنى الآخر عملا يعْمل فِيهِ لأمير الْمُسلمين وَتمنى الآخر زَوجته وَكَانَت أحسن النِّسَاء وَلها الحكم فِي بِلَاده فَبَلغهُ الْخَبَر فأحضرهم وَأعْطى متمني المالي ألف دِينَار وَاسْتعْمل الآخر وَقَالَ للَّذي تمنى زَوجته يَا جَاهِل مَا حملك على تمني الَّذِي لَا تصل إِلَيْهِ ثمَّ أرْسلهُ إِلَيْهَا فتركته فِي خيمة ثَلَاثَة أَيَّام تحمل إِلَيْهِ فِي كل يَوْم طَعَاما وَاحِدًا ثمَّ أحضرته وَقَالَت لَهُ مَا أكلات فِي هَذِه الْأَيَّام قَالَ طَعَاما وَاحِدًا فَقَالَت لَهُ كل النِّسَاء شَيْء وَاحِد وَأمرت لَهُ بِمَال وَكِسْوَة وأطلقته