اللَّيْل وَالنَّهَار صوما لِأَنَّهُ لم ير يَوْمًا أَنه أكل ثمَّ إِنَّه جعل بَيت دَعوته فِي البرابر وَأظْهر نسبه واشتهر بالمغرب فَصَارَ يعرف بالعبيدي وسلك مَنْهَج الْمهْدي الإدريسي وَجعل لَهُ عشرَة كعشرة الصَّحَابَة يعْتَمد عَلَيْهِم وهم خاصيته وحروب العربيدي بالمغرب مَشْهُورَة وَآل أمره إِلَى أَن حصر مَدِينَة فاس وَكسر جموعهم مرّة بعد مرّة وَكَاد يَأْخُذ الْبَلَد فَقَالَ ابْن جَامع وَزِير نَاصِر بني عبد الْمُؤمن لَيْسَ الرَّأْي أَن نجهز إِلَى هَذَا الرجل جَيْشًا بعد جَيش يكسر بَعضهم وَرُبمَا لَا يكسرونه وَلَكِن الرَّأْي أَن نسير إِلَى الْعشْرَة الَّذين اختصهم من أَصْحَابه عشرَة آلَاف دِينَار فَإِنَّهُم يأتوننا بِرَأْسِهِ فعندما وصل المَال إِلَى أُولَئِكَ الْقَوْم قبضوا عَلَيْهِ وجاؤوا بِهِ إِلَى مَدِينَة فاس أَسِيرًا فَقَالَ أبياته الْمَشْهُورَة // (من الطَّوِيل) //
(لحى الله قوما ضيعوني بَعْدَمَا ... بدا لَهُم برق من المَال خلب)
(وَلَو أَنهم أَبقوا حشاشة مهجتي ... لَكَانَ لَهُم فَوق الَّذِي فِيهِ رَغِبُوا)
(وَلَا شهروا بالغدر فِي كل مَوضِع ... وسارت بهم أمثالهم وَهِي تضرب)
وَمن شعره قبل خُرُوجه // (من الْخَفِيف) //
(إِن تركنَا الورى وَمَا هم عَلَيْهِ ... تركونا أحرس ذل وفقر)
(أَو دعت حَاجَة السُّؤَال إِلَيْهِم ... نهرونا عَن كل نهر وبحر)
(فَلهَذَا نَخُوض فِي الْمَوْت خوضا ... نَحْو نيل المنى ورفعة قدر)
وَكَانَ شهما قوي النَّفس لما أحضرهُ القانصون لَهُ بَين يَدي ملك فاس إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن قَامَ إِلَيْهِ شاهرا سَيْفه ليضْرب عُنُقه فَقَالَ لَهُ الْهَادِي إِلَيْك عني لَا تدن ثَوْبك من ثوبي فَإنَّك نجس بل افْعَل من بعيد مَا شِئْت فَضَربهُ ضَرْبَة أبان بهَا رَأسه
١٠٢ - ابْن موهب الأندلسي يُوسُف بن عبد الله بن يُوسُف بن أَيُّوب بن موهب أَبُو الْحجَّاج الفِهري الأندلسي الداني وَقيل الشاطبي نزيل بلنسية كَانَ إِمَامًا فِي معرفَة الشُّرُوط كَاتبا بليغا شَاعِرًا كتب للقضاة وناب للحكام توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(أَبى الله إِلَّا أَن أُفَارِق منزلا ... يطالعني وَجه المنى فِيهِ سافرا)
(كَأَن على الأقدار أَن لَا أحله ... يَمِينا فَمَا أغشاه إِلَّا مُسَافِرًا)