(هِيَ السَّبِيل فَمن يومٍ إِلَى يَوْم ... كَأَنَّهُ مَا تريك الْعين فِي النّوم)
)
(لَا تجزعن رويداً إِنَّهَا دولٌ ... دنيا تنقل من قوم إِلَى قوم)
وسيرها إِلَى المتَوَكل فاشتغل عَنْهَا وَلم يقف عَلَيْهَا إِلَّا فِي الْغَد فَلَمَّا قَرَأَهَا أَمر بِإِخْرَاجِهِ فجاؤوا إِلَيْهِ فوجدوه مَيتا سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت إِقَامَته فِي التَّنور أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَوجد قد كتب بالفحم على جَانب التَّنور
(من لَهُ عهدٌ بنومٍ ... يرشد الصب إِلَيْهِ)
(رحم الله رحِيما ... دلّ عَيْني عَلَيْهِ)
(سهرت عَيْني ونامت ... عين من هنت لَدَيْهِ)
وَقَالَ فِي التَّنور
(سل ديار الْحَيّ من غَيرهَا ... ومحاها وَعَفا منظرها)
(وَهل الدُّنْيَا إِذا مَا أَقبلت ... صيرت معروفها منكرها)
(إِنَّمَا الدُّنْيَا كظلٍ زائلٍ ... نحمد الله كَذَا قدرهَا)
وَلما توفّي المعتصم تولى الْأَمر الواثق وَكَانَ قد حلف إِن صَار الْأَمر إِلَيْهِ لينكبن ابْن الزيات فَلَمَّا كتب الْكتاب مَا يتَعَلَّق بالبيعة لم يرضوه وَكتب ابْن الزيات فأرضاه فَكفر عَن يَمِينه وَقَالَ المَال عَن الْيَمين فديَة وَعوض وَلَيْسَ عَن ابْن الزيات عوض فأقره على الوزارة كَانَ فِي نفس المتَوَكل مِنْهُ شَيْء كثير فَلَمَّا ولي الْخلَافَة خشِي أَن ينكبه عَاجلا فَيسْتر أَمْوَاله فتفوته فأقره على الوزارة وَجعل ابْن أبي دؤاد يغريه ويحثه على الْقَبْض عَلَيْهِ فأمسكه وأودعه التَّنور كَمَا تقدم فَلم يجد من ضيَاعه وأملاكه وذخائره إِلَّا مَا قِيمَته مائَة ألف دِينَار فندم على ذَلِك وَقَالَ لِابْنِ أبي دؤاد أطمعتني فِي الْبَاطِل وحملتني على شخص لم أجد عَنهُ عوضا وَكَانَ ابْن الزيات من أَئِمَّة الْأَدَب المتبحرين الَّذين دققوا النّظر فِيهِ وشعره جيد كثير وَله ديوَان رسائل ومدحه البحتري بقصيدته الدالية الَّتِي مِنْهَا
(وَأرى الْخلق مُجْمِعِينَ على فض ... لَك مَا بَين سيد ومسود)
(عرف الْعَالمُونَ فضلك بالعل ... م وَقَالَ الجهّال بالتقليد)
وَلأبي تَمام الطَّائِي فِيهِ مقطعات كَثِيرَة يعبث بِهِ فِيهَا مِنْهَا
(قَالَت فَأَيْنَ السراة قلت لَهَا ... لَا تسألي عَنْهُم فقد مَاتُوا)
(قَالَت وَلم كَانَ ذَاك قلت لَهَا ... هَذَا وَزِير الإِمَام زيات)
)
وَكَانَ ابْن الزيات يَقُول بِخلق الْقُرْآن
الغزال مُحَمَّد بن عبد الْملك بن زَنْجوَيْه الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَغْدَادِيّ الغزال