(أينكر الوجد أَنِّي فِي الْهوى شجب ... وَدون كل دُخان ساطعٌ لَهب)
(وَمَا سلوت كَمَا ظن الوشاة وَلَا ... أسلو كَمَا يترجى الواله الوصب)
(فَإِن بَكَى لصباباتي عذول هوى ... فلي بِمَا مِنْهُ يبكي عاذلي طرب)
(ناشدتك الله يَا روحي اذهبي كلفاً ... بحب قومٍ عَن الجرعاء قد ذَهَبُوا)
(لَا تسأليهم ذماماً فِي محبتهم ... فطالما قد وفى بِالذِّمةِ الْعَرَب)
)
(هم أهل ودي وَهَذَا واجبٌ لَهُم ... وَإِنَّمَا ودهم لي فَهُوَ لَا يجب)
(هم ألبسوني سقاماً من جفونهم ... أَصبَحت أرفل فِيهِ وَهُوَ ينسحب)
(وصيرت أدمعي حمراً خدودهم ... فَكيف أجحد مَا منوا وَمَا وهبوا)
(هَل السَّلامَة إِلَّا أَن أَمُوت بهم ... وجدا وَإِلَّا فبقياءي هِيَ العطب)
(إِن يسلبوا الْبَعْض مني والجميع لَهُم ... فَإِن أشرف جزءي الَّذِي سلبوا)
(لَو تعلم العذبات المائسات بِمن ... قد بَان عَنْهَا إِذا مَا اخضرت العذب)
(وَلَو درى منهل الْوَادي الَّذِي وردوا ... من واردو مَائه لاهتزه الطَّرب)
(إِنِّي لأكظم أنفاسي إِذا ذكرُوا ... كي لَا يحرقهم من زفرتي اللهب)
(أسائل البان عَن ميل النسيم بهم ... سُؤال من لَيْسَ يدْرِي فِيهِ مَا السَّبَب)
(وَتلك آثَار لينٍ فِي قدودهم ... مرت بهَا الرّيح فاهتزت لَهَا القضب)
(يصحو السكارى وَلَا أصحو ظماً بكم ... ويسكر السكر من بعض الَّذِي شربوا)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ فِي هَذِه الْمَادَّة الْعَلامَة شهَاب الدّين مَحْمُود بن سلمَان بن فَهد
(قضى وَهَذَا الَّذِي فِي حبهم يجب ... فِي ذمَّة الوجد تِلْكَ الرّوح تحتسب)
(مَا كَانَ يَوْم رحيل الْحَيّ عَن إضمٍ ... لروحه فِي بَقَاء بعدهمْ أرب)
(صبٌ بَكَى أسفا والشمل مجتمعٌ ... كَأَنَّهُ كَانَ للتفريق يرتقب)
(نأوا فذابت عَلَيْهِم روحه كمداً ... مَا كَانَ إِلَّا النَّوَى فِي حتفه سَبَب)
(لم يدر أَن قدود السمر مشبهةٌ ... للبيض لَو لم يكن أسماءها القضب)
(وَظن كأس الْهوى يصحو النزيف بهَا ... إِذْ أوهمته الثنايا أَنَّهَا الحبب)
(طُوبَى لمن لم يُبدل دين حبهم ... بل مَاتَ وَهُوَ إِلَى الْإِخْلَاص منتسب)
(لَو لم يمت فيهم مَا عَاشَ عِنْدهم ... حَيَاته من وَفَاة الْحبّ تكتسب)
(بانوا وفبي الْحَيّ ميتٌ ناح بعدهمْ ... لَهُ الْحمام وسحت دمعها السحب)
(وشق غُصْن النقا من أَجله حزنا ... جيوبه وأديرت حوله العذب)