(أنكرتني معارفي ... مَاتَ من كنت أعرف)
قَالَ شمس الدّين مَحْمُود الْمروزِي كنت بِحَضْرَة القَاضِي الْفَاضِل رَحمَه الله وَكَانَ الْعِمَاد الْكَاتِب حَاضرا عِنْده فَلَمَّا انْفَصل قَالَ الْفَاضِل للْجَمَاعَة بِمَ تشبهون الْعِمَاد وَكَانَ عِنْده فَتْرَة عَظِيمَة وجمود فِي النّظر وَالْكَلَام فَإِذا أَخذ الْقَلَم أَتَى بالنثر وَالنّظم فكلهم شبهه بِشَيْء فَقَالَ مَا أصبْتُم هُوَ كالزناد ظَاهره بَارِد وباطنه فِيهِ نَار وَمن شعر الْعِمَاد الْكَاتِب السَّرِيع
(اقنع وَلَا تطمع فَإِن الْفَتى ... كَمَاله فِي عزة النَّفس)
(وَإِنَّمَا ينقص بدر الدجى ... لأَخذه النُّور من الشَّمْس)
وَمِنْه أَيْضا مجزوء الرجز
(أبصرني مبلبلا و ... فِي الغرام ممتحن)
(فَقَالَ من قَاتله ... قلت لَهُ قَائِل من)
أَخذه من قَول الأول وَهُوَ مَشْهُور الرجز
(قَالَت لترب مَعهَا مُنكرَة ... لوقفتي هَذَا الَّذِي نرَاهُ من)
(قَالَت فَتى يشكو الْهوى متيماً ... قَالَت بِمن قَالَت بِمن قَالَت بِمن)
وَمِنْه قَول أبي الطّيب الْكَامِل
(قَالَت وَقد رَأَتْ اصفراري من بِهِ ... وتنهدت فأجبتها المتنهد)
وَمن شعر الْعِمَاد الطَّوِيل
(وَمَا هَذِه الْأَيَّام إِلَّا صَحَائِف ... نورخ فِيهَا ثمَّ تمحي وتمحق)
(وَلم أر فِي دهري كدائرة المنى ... توسعها الآمال والعمر ضيق)
وصنف الْبَرْق الشَّامي وَهُوَ مَجْمُوع تَارِيخ بَدَأَ فِيهِ بِذكر نَفسه واتصاله بِخِدْمَة نور الدّين وَصَلَاح الدّين وَسَماهُ بذلك لإنه شبه تِلْكَ الْأَيَّام لطيبتها وسرعتها بالبرق وَهُوَ فِي سبع مجلدات وَالْفَتْح الْقُدسِي وَيُقَال إِنَّه لما عرضه على الْفَاضِل قَالَ سمه الْفَتْح القسي فِي الْفَتْح الْقُدسِي قلت)
وَلَو قَالَ الْفَتْح الْقُدسِي فِي الْفَتْح الْقُدسِي لَكَانَ أحسن لأنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لحسان روح الْقُدس ينفث فِي روعك ونصرة الفترة وعصرة القطرة تَارِيخ الدولة السلجوقية والبرق الشَّامي فِي أَخْبَار صَلَاح الدّين وفتوحه وأحواله وحوادث الشَّام فِي أَيَّامه وَكتاب خطْفَة البارق وعطفة الشارق وَكتاب عتب الزَّمَان فِي عُقبى الْحدثَان وأخبار الْمُلُوك السلجوقية ونحلة الرحلة وَحلية العطلة وخريدة الْقصر وجريدة الْعَصْر والذيل عَلَيْهَا ورأيتها بِخَطِّهِ وَيُقَال إِنَّه لما فرغ مِنْهَا جهزها إِلَى القَاضِي الْفَاضِل فِي ثَمَانِيَة اجزاء فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا مَا أَعْجَبته وَقَالَ أَيْن الْآخرَانِ لِأَنَّهُ قَالَ خري ده يَعْنِي خرى عشرَة لِأَن ده بالعجمي عشرَة وَمن هُنَا أَخذ ابْن سناء